Usman Ibn Affan: Tsakanin Khalifanci da Mulki
عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك
Nau'ikan
ولم يغير رأي طلحة في عمر من مكانته عند الفاروق بعد استخلافه. فقد بقي بالمدينة يشير عليه كما كان يشير على أبي بكر. فلما طعن عمر جعل طلحة في الشورى رغم غيابه عن المدينة، ثم قال لجماعة الشورى: انتظروا أخاكم طلحة ثلاثة أيام فإن جاء وإلا فاقضوا أمركم.
أما وهؤلاء هم الرجال الذين اختارهم عمر للشورى، وهذه صلتهم برسول الله ومواقفهم معه، فكيف اشتد الخلاف بينهم لأول ما اجتمعوا يختارون أحدهم في الخلافة حتى يقول لهم أبو طلحة الأنصاري: «أنا كنت لأن تدافعوها أخوف مني لأن تنافسوها.» سقنا من الاعتبارات ما يشهد بأن الخلافة أصبحت بعد انفساح رقعة الإمبراطورية مأربا يطمع فيه الطامع. وثمة اعتبار آخر أدى إلى شدة الخلاف وكان طبيعيا أن يؤدي إلى هذه الشدة؛ فقد كانت العرب تحجم عن استخلاف بني هاشم مخافة أن تجتمع النبوة والخلافة في بيتهم، فيجتمع لهم بذلك سلطان الدين وسلطان الدنيا، فلا تطمع بعد ذلك قبيلة غيرهم في أن يكون لها حظ في الخلافة. وكانت العرب تخشى استخلاف بني أمية؛ لأنهم كانوا أكثر قريش عددا وأعزها نفرا، فإذا آلت الخلافة إليهم لم يكن يسيرا بعد ذلك دفعهم عنها. فرأى بنو هاشم وبنو أمية في موقف العرب منهم ظلما لا مسوغ له، ورأى كل من البيتين أن يعمل لرفع هذا الخطر الجائر بأن يسعى إلى الخلافة، ويلتمس الوسيلة ليكون الخليفة من بين أبنائه. أما وعثمان وعلي في الشورى فالفرصة لهذا السعي سانحة ومن سوء السياسة أن تضيع.
على أن ما بين بني هاشم وبني أمية من تنافس قديم حال بينهما وبين إعلان ما تكنه صدور رجالهما للناس. وأعانهما اختيار عمر جماعة الشورى على ستر هذا المكنون في الصدور، وإن كشف اختلاف الشورى وما انتهى إليه أمرهم عن الكثير منه.
لم يكن العباس بن عبد المطب عم النبي يطمع في الخلافة لنفسه. فهو لم يكن من السابقين إلى الإسلام، بل كان أدنى لأن يكون من مسلمة الفتح. فقد أسلم حين كان جيش رسول الله معدا لفتح مكة. ولكنه كان من أكثر بني هاشم حكمة ومن أشدهم حرصا على أن تكون الخلافة في بيت النبي. روي أنه قال لعلي بن أبي طالب حين سمى عمر الشورى: «لا تدخل معهم.» وأجابه علي: «إني أكره الخلاف.» فكان رد العباس: «إذن ترى ما تكره.»
وكان عمر قد قال للشورى: إن رضي ثلاثة رجلا منهم وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر، فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلا منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف. فلما سمعهما علي خرج فلقي عمه العباس فقال له علي: عدلت عنا. فقال العباس: وما علمك؟ فقال علي: قرن بي عثمان وقال: كونوا مع الأكثر فإن رضي رجلان رجلا ورجلان رجلا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفان، فيوليها عبد الرحمن عثمان، أو يوليها عثمان عبد الرحمن، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني، بله أني لا أرجو إلا أحدهما.
فلما سمع العباس قول علي أجابه في شيء من الحدة : «لم أدفعك في شيء إلا رجعت إلي مستأخرا بما أكره، أشرت عليك عند وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أن تسأله فيمن هذا الأمر فأبيت، وأشرت عليك بعد وفاته أن تعاجل الأمر فأبيت، وأشرت عليك حين سماك عمر في الشورى ألا تدخل معهم فأبيت، احفظ عني واحدة، كلما عرض عليك القوم فقل: لا، إلا أن يولوك. واحذر هؤلاء الرهط فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم لنا به غيرنا، وايم الله لا نناله إلا بشر لا ينفع معه خير.»
ولم يكن بنو أمية أقل من بني هاشم حرصا على أن تكون الخلافة فيهم. فلما حان دفن عمر فحمل جثمانه إلى مسجد النبي ليصلى عليه، أقبل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وكل يريد أن يتقدم صاحبه لهذه الصلاة فلما رآهم عبد الرحمن بن عوف على هذه الحالة قال: إن هذا لهو الحرص على الإمارة. لقد علمتما ما هذا إليكما، ولقد أمر به غيركما. تقدم يا صهيب فصل عليه.
10
Shafi da ba'a sani ba