فزاد ابن القيم على ما ذكره الغزالي فوائد عديدة، وتفريعات كثيرة، واستنباطات مهمة، وفوائد ونكات لم يتطرق إليها الغزالي، وأضاف أمثلة وتوضيحات ليكون لقارئه عُدّة في طريقه وسيره إلى اللَّه والدار الآخرة.
فكان هذا الكتاب المهم "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين" وهو بحجمه يقارب أربعة أضعاف ما كتبه الغزالي.
ولا تستطل أيها القارئ هذا المبحث فإنه من أكثر المباحث فائدة وجدة، إذ إن أكثر طلاب العلم لا يعلمون هذه الحقيقة.
ونسبة للفضل إلى أهله، فالذي نبهني على استفادة ابن القيم من كتاب الغزالي هو فضيلة شيخي الدكتور محمد بن حسين الجيزاني، جزاه اللَّه خيرًا وأجزل له المثوبة.
المبحث الثاني عشر: مختصراته والبحوث المستلة منه:
إن الإمام ابن القيم لسعة علمه وكثرة اطلاعه وشمول معرفته وكثرة ما عنده من الفوائد كانت له سِمة عامة في مؤلفاته هي الاستطراد والتوسع وكثرة الأدلة والوجوه ونحوها، كما قال في وصفه الحافظ ابن حجر: "وكل تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف، وهو طويل النفس فيها يتعانى الإيضاح جهده، فيسهب جدًّا" (^١).
لذا فإن من السهل أن يجد من يريد اختصار كتاب ما من كتبه مُسوّغًا له بسبب ذلك. أضف إلى ذلك أهمية كتبه وكثرة فائدتهًا.
_________
(^١) الدرر الكامنة (٣/ ٤٠٢).
المقدمة / 34