وفاطمة (ض) لصلاتهما من الليل (١) وعائشة (ض) تعترض بين يديه اعتراض الجنازة (٢) وقال لعبد الله ... بن عمرو: "صم وأفطر" (٣)، وأقر على سرد الصوم حمزة بن عمرو الأسدي (٤) إلى غير ذلك من وجوه التربية فافهم.
ثم جروا في ذلك على مقتضى العلم والحقيقة فلم يدخلوا على المريد في مقام التقوى الذي هو فعل الواجبات وترك المحرمات، سوى أخذ العهد قصدا للتوثق في التزام خصال التقوى، مستندين لحديث عبادة بن الصامت (ض) الذي قال فيه (ص): "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا" (٥) الحديث، وكان (ص) يكرر البيعة في مواضع لذلك، كما وقع له مع سلمة بن الأكوع وغيره، كما هو معلوم في أحاديث المغازي (٦)، وهو (ص) إنما دعاهم لذلك مع تقرر إيمانهم وتبريهم مما ذكر، فكان قصدا للتأكيد، والله أعلم.
_________
(١) حديث طرق النبي (ص) باب علي وفاطمة ليلا للصلاة من الليل، خرجه البخاري رقم ١٠٧٥.
(٢) البخاري مع فتح الباري ٢/ ١٢٢.
(٣) حديث عبد الله ... بن عمرو في الصحيح، انظر البخاري مع فتح الباري ٥/ ١٢١.
(٤) له ترجمة في الاستيعاب ١/ ٣٧٥ توفي ٦١ هـ، قال ابن عبد البر: وكان يسرد الصوم وفي مسند أبي داود أن حمزة الأسلمي قال: يا رسول الله، إني رجل أسرد الصوم أفأصوم في السفر؟ فقال: "صم إن شئت وأفطر إن شئت" سنن أبي داود ٢٤٠٢.
(٥) حديث عبادة بن الصامت (ض) في البيعة ليلة العقبة، خرجه البخاري وغيره، وفيه أن رسول الله (ص) قال وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أبديكم وأرجلكم ... "، البخاري مع فتح الباري ١/ ٧١.
(٦) حديث سلمة بن الأكوع (ض) الطويل في البيعة، خرجه مسلم ٣/ ١٤٣٤، وفيه: (قال - أي سلمة -: فبايعته أول الناس، ثم بايع وبايع، حتى إذا كان في وسط من الناس، قال: "بايع يا سلمة"، قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله ... في أول الناس، قال: "وأيضا"، ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس، قال: "ألا تبايعني يا سلمة"، قال: قلت: قد بايعنك يا رسول الله في أول الناس، وفي أوسط الناس، قال: "وأيضا"، قال: فبايعته الثالثة).
1 / 53