والطرطوشي (١) من المالكية، وكذا ابن العربي (٢) وغيره.
وانفردوا في الآداب بأصل هو جمع قلوبهم على مولاهم فبأي وجه يمكن لهم انتهجوه، سواء كان مباحا صريحا، أو رخصة أو أمرا مختلفا فيه، فمن ثم قالوا بأشياء أنكرها عليهم من لم يعرف قصدهم، وطالبهم فيها بما طالبوا به أنفسهم في العبادات من الاحتياط وإيثار الأولى، وآثرها من غلب عليه هواه فهلك بذلك، وقد أشار الجنيد (ض) لهذا الأصل بقوله لما سئل عن السماع: كل ما يجمع العبد على ربه فهو مباح (٣) ونقل القشيري في باب السماع عن أبي علي الدقاق (٤) (ض) أنه قال عن المشايخ: إنهم قالوا: ما يجمع قلبك إلى الله تعالى فلا بأس به.
...
٨ - فصل
في ذكر ظهور المشايخ والمشيخة
وما يتبع ذلك من طرق الاقتداء ونحوها
اعلم أن الأوائل من القوم لم يكن لهم ترتيب في المشيحة معروف، ولا اصطلاح في السلوك مألوف، وإنما كانت عندهم الصحبة واللقاء، فكان الأدنى منهم إذا لقي الأعلى استفاد برؤيته أحوالا، لأن من تحقق بحالة لم يخل خاطره منها، والأحوال مورثة، فلذلك قال ابن العريف (٥) ﵀:
_________
(١) الطرطوشي أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الأندلسي، الفقيه المالكي، كان إماما لينا (ت ٥٢٠ هـ) الديباج المذهب ٢٧٦.
(٢) ابن العربي محمد بن عبد الله ... بن محمد المعافري، الإمام الحافظ (ت ٥٤٣ هـ) الديباج المذهب ٢٨٢ وشذرات الذهب ٤/ ١٤١.
(٣) يأتي للمؤلف في الفصل الخاص بالسماع أن السماع لا يقدم عليه اختيارا، وأطال في التحذير منه.
(٤) هو الحسن بن علي بن محمد الدقاق، صوفي فقيه (ت ٤٠٥) معجم المؤلفين ٣/ ٢٦١.
(٥) هو أحمد بن محمد بن موسى الصنهاجي الأندلسي، قال الذهبي: الإمام الزاهد العارف المقرئ، صاحب الإشارات والمقامات (ت ٥٣٦) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ١١١.
1 / 51