يوافق الحديث، ليجمعوا بين نور الاقتداء ونور الاهتداء، مع تقيدهم بالمذهب الواحد، وعدم مخالفتهم للأحوط والمشهور منه إلا من ضرورة، فقد كان الجنيد (ض) على مذهب أبي ثور (١)، والمحاسبي (٢)، شافعيا، والشبلي مالكيا، والجريري (٣) حنفيا، مع إجماعهم على اتباع الحديث كما ذكره السهروردي (٤) فكان الجمع بين إجماعهم وفعلهم، والله أعلم.
ومذهبهم في الفضائل مذهب المحدثين فلا يأخذون بموضوع كصلاة الرغائب والأسبوع ونحوها، وإن ذكرها أئمة منهم فلم ينقلها أحد عنهم، بل ولا عن أئمة المذاهب، وإن كان الشيخ أبو طالب (٥) قد أثبتها للنساك وتبعه الغزالي (٦) على ذلك، فقد نبه النووي (٧) بأن لا يتبع ذلك، ولهما أصل في ذلك ذكرناه في القواعد، وبالغ في إنكار ذلك ابن عبد السلام (٨) من الشافعية
_________
(١) هو إبراهيم بن خالد الكلبي أبو ثور، الإمام الحافظ (ت ٢٤٠) تذكرة الحفاظ ٢/ ٥١٢.
(٢) المحاسبي الحارث بن أسد، من علماء مشايخ القوم أسند الحديث (ت ٢٤٣) طبقات الصوفية ٥٦ وحلية الأولياء ١٠/ ٧٣.
(٣) هو أبو محمد أحمد بن محمد بن الحسين الجريري، من كبار أصحاب الجنيد، أقعد بعد الجنيد في مجلسه لعلو منزلته وصحة علمه (ت ٣١١ هـ) الرسالة القشيرية ص ٢٦٨ وطبقات الصوفية ٢٥٩.
(٤) هو أبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله بن محمد البكري السهروردي، فقيه شافعي، من أئمة الصوفية، تخرج بصحبته جماعة من الأكابر، من كلامه: كان أفضل شيء عندهم عد الأنفاس (ت ٥٦٣) له كتاب آداب المريدين، وهو شيخ السهروردي شهاب الدين صاحب عوارف المعارف المتوفى ٦٣٢ هـ. الطبقات الكبرى ١/ ١٢٠، وتحرف اسمه فيها إلى عبد القادر، والأعلام ٤/ ١٧٤.
(٥) أبو طالب المكي، محمد بن علي بن عطية المكي، صوفي متكلم له كتاب قوت القلوب (ت ٣٨٦ هـ) شذرات الذهب ٣/ ١٢٠ ومعجم المؤلفين ١١/ ٢٧.
(٦) الغزالي حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الغزالي (ت ٥٠٥ هـ) شذرات الذهب ٤/ ١٠.
(٧) النووي محيي أبو زكرياء يحيى بن شرف، الفقيه الحافظ (ت ٦٧٦ هـ)، تذكرة الحفاظ ٤/ ٤٧٠ وشذرات الذهب ٥/ ٣٥٤.
(٨) ابن عبد السلام العز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي الشافعي، فقيه أصولي (ت ٦٦٠ هـ) شذرات الذهب ٥/ ٣٠١ ومعجم المؤلفين ٥/ ٢٤٩.
1 / 50