فأما مجاري البيع في العبادات - أعني صورها اتفاقا - فكل ما أحدث فيها زيادة أو نقصا فهو بدعة إن ثبت له حكم مخالف أو لم يكن، واختلف في جريها في العادات وفيما لم يرد له حكم خاص، كالأكل والشرب واللباس ونحوه، فقيل: تجري فيه لقول أنس (ض) (أول ما أحدث الناس المناخل والأشنان والشبع) (١) أو كما قال، وقيل: لا تجري في ذلك، وإطلاق أنس (ض) باعتبار الصورة الواقعة فقط، (وعلى الأول يجري ما نقل عن المذهب في العمائم ونحوها كما ذكره في المدخل وغيره) (٢)، والله أعلم.
قلت: ولا ينبغي أن يختلف فيما أحدث من ذلك مع ادعاء أنه من الدين، لأنه زيادة حكم فيه، والله أعلم.
...
٤ - فصل
في أصول ظهور مدعي التصوف في هذا الزمان
بالبدع واتباع الناس لهم عليها
فأما ظهورهم بالبدع فله أصول ثلاثة:
أولها: نقص الإيمان بعدم العلم بحرمة الشارع، وفقد نور الإيمان الهادي إلى اتباع الرسول (ص)، قال الله تعالى: ﴿وأن هذا صراطي مستقيما
_________
(١) لم أجده بعد البحث الطويل.
(٢) سقط من ت ١، نقل ابن الحاج في المدخل ١/ ١٤٠ - عن مالك وأصحابه ومن بعدهم من أتباعهم كابن رشد والطرطوشي وغيرهما - كراهة الاقتعاط وهو لبس العمامة دون أن يدخل الرجل تحت ذقنه منها شيئا، فالاعتمام دون تحنيك عندهم مكروه لمخالفته فعل السلف الصالح، وهو من بقايا عمائم قوم لوط، ومن التشبه بالقبط، وسئل مالك عن الصلاة فيها - أي في العمامة من غير حنك - فقال: لا بأس، وليست من عمل الناس إلا أن تكون عمامة قصيرة لا تبلغ، نقله ابن الحاج عن الجواهر وانظر المنتقى ٧/ ٢١٨.
1 / 42