Ciqd Mufassal
العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل
وثنايا كأنّهنَّ لئال ... نسقتها نساقة الغيد رصفا
هي أحلى من الرحيق إذا ما ... خلطوها بالزنجبى المصفّى
وجفونًا أودى بها السقم حتّى ... كدن يحكينني سقامًا وضعفا
فتنت نرجس البطاح إذا ما ... نبهته الصبا وقد كان أغفى
ريّشت نبلها وريّشت نبلي ... فمضى لحظها وأرعشت كفّا
وارتمينا فكنت أكذب مرمىً ... وانثنينا فكنت أصدق حتفا
هزَّ منها الصبا قضيبي أراك ... للتصابي ولفنا الشوق لفّا
إن تعشقتها هوىً فلعمري ... أنا ممّن إذا تعشّق عفّا
أدّعي حبّها لينصل منّي ... ربّ مبد أيدي هواه ليخفى
أهلها قرّبوا الجمال وحطّوا ... حجبها للنوى حجالًا وسجفا
فتبدّت من القطيفة شمسًا ... واستقلّت على الرحالة خشفا
فبعيني ظعائنًا جزن بالرمل ... وراء الهضاب يحدون عنفا
أيّها الرّاكب التي انتجوها ... من ظليم أصاب وجناءَ حرفا
فهي خلقٌ مابين ذاك وهذا ... أعملت للسرى جناحا وخفّا
عجّ إذا جزت أرض بدرة واقصد ... شعب جصان جادها الغيث وكفا
واخلع النعل في مقدّس واد ... لو أتاه المشوق يومًا تحفّى
واقرأنَّ السلام عنّي خليلًا ... قد قرأنا هواه حرفًا فحرفا
علويًّا حاز المعالي لا بل ... زانها مبسمًا وجيدًا وطرفا
يا أباالفضل كنية قد أبانت ... لك فضلًا فأصبحت لك وصفا
وعميد الوغى إذا هيج يومًا ... وحليف الإبا إذا سيم خسفا
رفَّ شوقًا إلى لقاك فؤادي ... عمرك الله هل فؤادك رفّا
لم يزل بي إلى لقائك لوح ... ولو أنّي أفنيت دجلة رشفا
إن تسلني كيف استمرّت حياتي ... فبطيّ الكتاب جائتك لفّا
أم تراك الغداة تذكر عهدًا ... قد تقضّى ومعهدًا قد تعفّى
أزعجتنا النوى وكنّا جميعًا ... بربى الكرخ في نعيم وزلفى
في مشيد من القصور منيف ... أوطأته حمراء دجلة كتفا
فسما تحسب البسيطة رامت ... أن تشمَّ السما فمدّته أنفا
شامخ الركن والأزاهير تزهوا ... جهتي أرضه أمامًا وخلفا
تحت ورديّة إذا ضربوها ... رفعت تشتكي إلى الله طرفا
هي في طرحها سدىً وإذا ما ... ضربت جلّلت على الجوّ سقفا
ضربوها وهل تحدُّ فتاة ... ما رمي عرضها الكواشح قذفا
زانها الفرس بالتصاوير حتّى ... مثّلت لي الضبا صنفًا فصنفا
ورواها البديع نوعين منه ... دون كلّ الفنون نشرًا ولفا
فانتظمنا عقدًا وواسطة العقد ... أغرّ قد راق طبعًا وشفّا
ذاك من علم الهيام فؤادي ... وسقاني مدامة الحبّ صرفا
ذاك معنى الثنا بكلّ لسان ... ملىء الدهر من مزاياه صحفا
ذاك خلي محمّد الحسن الأخ ... لاق والخلق أحسن الخلق وصفا
لم أفه باسمه المطيّب إلاّ ... وفضحنا أرواح دارين عرفا
فعليك السلام منه ومنّي ... ما تغنّى الحمام يندب ألفا
وقال السيّد الجليل والفاضل النبيل السيّد عبّاس المتقدّم ذكره مقرضًا على نظم هذا السيّد المبدع، والمنشي المخترع، وقليل بمقامه، أن أقول أجاد في نظامه، وهو:
هذا نظامك يا فرد الجمال أتى ... كالروض جرت عليه ذيلها الديم
جزل المعاني رقيق اللفظ موجزه ... يروق مبتدؤٌ منه ومختتم
قد ضمن الزهر إلاّ أنّه كلم ... والأنجم الزهر إلاّ أنّه حكم
منظّم لدراريه ابن بجدته ... طرف له السبق لا زلت له قدم
وذاك منثورك الزاهي فرائده ... يبثّها منك فكر ثاقب وفم
عبد الحميد بن يحيى في بلاغته ... وابن العميد إذا قيسا به عدم
نظم هو اللؤلؤ المكنون زان به ... نحر العلى مفرد في مجده علم
ذاك الفتى الحسن الميمون طائره ... بوجهه تنجلي الغمّاء والظلم
فلا يزال السعيد الجد في دعة ... ما هزَّ عطفيه في يوم الندى الكرم
1 / 209