فإن قلت: فإنهم لم يتكلموا في رجال الإسناد فقد قدمنا كلام الهادي عليه السلام وغيره من الأئمة وتضعيفهم لغالب الرواة الذي اعتمد عليهم العامة وذلك ظاهر غير خفي على المطلع. فتأمل.
واعلم أن العلماء اختلفوا في شرط الشيخين والذي استقر عليه حكاية ابن حجر في المقدمة عن العلماء كلام أبي بكر الحازمي وذلك أن شرط الصحيح أن يكون إسناده متصلا، وأن يكون يرويه مسلم صادق غير مدلس ولا مختلط، متصف بصفات العدالة والضبط، متحفظ سليم الذهن، قليل الوهم، سليم الاعتقاد. انتهى.
قلت: وهذا الشرط منتقض، فإن البخاري روى عن أهل البدع عنده كالشيعة والروافض والنواصب وغيرهم ممن هو داعية إلى بدعته ومن ترك فيه سليم الاعتقاد بشرط أن لا يروي إلا عمن له روايات وهذا أيضا منتقض بأنه روى عن رجال من الصحابة ليس لأحدهم سوى راو واحد.
وقيل: إن شرط البخاري أن يخرج الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات ويكون إسناده متصلا غير مقطوع وإن كان للصحابي راويان فصاعدا فحسن وإن لم يكن إلا راو وصح الطريق إليه كفى.
قلت: وهذا أبعد فإنه قد روى عن المختلف فيهم ومن رمي بالتدليس والمجاهيل وعن غير مشهور من الصحابة ولذا قال ابن حجر ما لفظه: ما ادعاه الإمام أبو عمرو بن الصلاح وغيره من الإجماع على تلقي هذا الكتاب بالقبول والتسليم لصحة جميع ما فيه فإن هذه المواضع متنازع في صحتها فلم يحصل لها من التلقي ما حصل لمعظم الكتاب وقد تعرض لذلك ابن الصلاح في قوله: إلا مواضع يسيرة انتقدها عليه الدارقطني وغيره.
وقال في مقدمة شرح مسلم: له مآخذ عليهما يعني على البخاري ومسلم وقدح فيه معتمد من الحفاظ وهو مستثنى مما ذكرنا لعدم الإجماع على تلقيه بالقبول. انتهى وهو احتراز حسن. ا ه.
ومن هنا يظهر له أن الإجماع المحكي مقيد.
Shafi 57