وأما قوله: إنه يلزمهم ذلك من قولهم بقبولهم رواية أهل التأويل فمن التمويه؛ لأن القائل بذلك منهم لا يقبل ذلك إلا بشروط قد ذكروها، منها ما قد مضى من كلام الإمام القاسم والحسن بن يحيى، ومنها ما ذكره الإمام شرف الدين فإنه روي عنه في المحاسن ما لفظه: وسائر الأحاديث إنما يذكرها من يذكر إما لاستظهارها مع ظاهر القرآن أو سنة صحيحة أو استشهاد بضم بعض إلى بعض من المحتملات، أو تقوية قياس يثبت الحكم به في المسألة، أو زيادة ترغيب في الطاعة، أو ترهيب عن معصية، أو قطع حجاج خصم يقول بقبول مثل ذلك.
إذا عرفت هذا فليخبرنا في وقت وقع الإجماع، أما أوائل الزيدية فإنهم لا يقبلون إلا ما كان من طريقهم، وأما المتأخرون فقد بينا كيفية قبولهم لأخبار العامة، على أننا ننكر عليه دلالة الموافقة من الألفاظ التي حكاها عن المنصور بالله عليه السلام وغيره مع تقدم الخلاف وتأخره من الفريقين كما ذكرنا، ومن ادعى دعوى فعليه البرهان وترجيحه لصحيح البخاري نظر له لا يلزم الغير على أنه لو أنصف لما رووا عن الفربري من أنه سمع الصحيح معه عن البخاري تسعون ألفا وأنه لم يبق من يرويه غيره منهم لاستشكل أمرين:
أحدهما: ذكر العدد وموتهم جميعا فما هذا الاتفاق العجيب ولم يبلغنا أنهم حضروا واقعة قتال فهلكوا أو رميوا بطاعون فبادوا.
ثانيا: إطلاقه لعدم الراوي غيره، وقد زعموا أنه رواه إبراهيم بن معقل النسفي، فإما أن يكون الفربري ادعى تفرده بالرواية باطلا أو حقا فاختر أيهما وأنت بعد الحكم، وقد نقلت عن ابن الصلاح في كتاب (علوم الحديث) أن في البخاري ما ليس بصحيح...إلى أن قال: إن كون ذلك فيه معلوم، فاعلم ذلك فإنه مهم خاف. انتهى.
Shafi 55