Carl Buber: Shekara Dari na Fadakarwa
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Nau'ikan
بأننا من الممكن دائما أن ننكر أن نظرية ما قد تم تكذيبها من خلال ملاحظة تبدو للوهلة الأولى أنها تكذبها. فقد نقول مثلا إن الملاحظة المسجلة غير صادقة، أو نقول مثلا إنه إذا كان الطائر الملاحظ أسود إذن فهو بحكم التعريف ليس بجعة مهما شابه البجع في صفاته الأخرى. وبصفة عامة، فإن النظريات العلمية لا تختبر منفصلة، بل مرتبطة بفروض أخرى؛ ومن ثم فبالإمكان إنقاذ النظرية وتفسير الملاحظة بأن ننسب الخطأ إلى أحد الفروض الأخرى. وقد سبق أن أوضحنا أن بوبر لم يغفل هذا الاعتراض. والحق أنه ذكره في أقدم كتاباته. وكان رده هو أن القاعدة المنهجية توجب علينا أن نتجنب «تحصين» نظرياتنا بهذه الطريقة، رغم أنه يعترف أن من الحكمة في بعض المواقف أن نحاول الاحتفاظ بالنظرية برغم الملاحظات الشاذة. غير أن قول بوبر في هذه المسألة يفتقر إلى الدقة، وربما لذلك لم يقنع ناقديه. وفي الوقت نفسه يحذرنا بوبر من طلب الدقة في مواطن لا تؤمل فيها الدقة، ويقول إن علينا أن نسترشد بالظروف الخاصة بكل حالة. وبذلك يتشبث بوبر بموقفه المحوري، وهو اللاتماثل
Asymmetry
بين التحقيق والتكذيب.
وقد يكون من المفيد أن نوضح ذلك بمثال، ولعل المثال الذي استرعى انتباه بوبر بشكل حاسم أن يفيدنا أكثر من غيره:
عندما خمن أينشتين بأن الأشعة الضوئية التي تمر بالقرب من جسم ثقيل كالشمس سوف تعاني انحرافا عن مسارها الطبيعي، لم يكن هذا التأثير قد لوحظ من قبل على الإطلاق، ولم تتنبأ الفيزياء النيوتونية بمثل هذه الظاهرة. فلما تمت الملاحظة وتأيد تنبؤ أينشتين اعتبر ذلك تكذيبا لقوانين نيوتن رغم الكم الهائل من «التحقيق» الذي لقيته عبر القرون. رغم ذلك فقد كان بالإمكان في حقيقة الأمر أن نتمسك بنظرية نيوتن وذلك بإدخال فروض عينية (تحايلية)
ad hoc
لكي تشرح الظواهر. غير أن هذا بدا غير مقبول إذ تبين أن النظرية الجديدة تفسر الأمور بطريقة أكثر «بساطة» (اقتصادا). لقد نجح أينشتين في أن يفسر كل ما نجح نيوتن في تفسيره علاوة على تفسير واحدة مما فشل
4
في تفسيره. ومن ثم لم تتمكن نظرية نيوتن من الصمود، إذ إن نظرية أينشتين هي أكثر اقترابا من الحقيقة. وقد استحقت البقاء لكي تواجه مزيدا من الاختبار.
هذا تقدم كبير في المنهج العلمي بلا ريب، ولكن هل هو أيضا حل لمشكلة الاستقراء؟ يدعي بوبر في أكثر من موضع أنه حل، ويشكو من أن الفلاسفة الآخرين لم يميزوا حله وأن نقاده لم يفهموه. ترى ما هي هذه المشكلة المشهرة العتيدة ... مشكلة الاستقراء؟ تتلخص مشكلة هيوم حول الاستقراء في الآتي: «هل لدينا ما يبرر الاستدلال من أمثلة لنا بها خبرة إلى أمثلة ليس لنا بها خبرة؟ لقد شاهدنا الشمس، على سبيل المثال، تشرق مرات سابقة عديدة، فهل هذا يبرر اعتقادنا بأنها سوف تشرق مرة تالية، غدا مثلا؟»
Shafi da ba'a sani ba