التحليل النفسي
مبتدع التحليل النفسي هو فرويد، وكان يلتفت إلى الأمراض النفسية التي تحدث أعراضا جسمية، ولكن بؤرة الاهتمام انتقلت الآن إلى أمراض النفس فقط مثل: الخوف، الشك، الخجل، كراهة العمل، التشرد، الحب الشاذ، إدمان الخمر، إلخ، كأن السيكلوجية قد قنعت بمعالجة الأخلاق وأغفلت - إلى حد ما - تلك الأمراض التي تحدث أعراضا في الجسم كالفالج الكاذب وغيره.
ويجب على كل إنسان أن يعرف كيف يحلل نفسه؛ أي: يجب أن يعرف نفسه وأن يسبر الأعماق التي تحرك نشاطه أو تمنع هذا النشاط، ولكن يجب مع ذلك أن نذكر أن التحليل هو تحليل؛ أي: تفكيك وتفتيت، فقيمته سلبية ننتفع بها وقت المرض النفسي؛ ولذلك نحن في حاجة - بعد التحليل والوقوف على العلة التي تمرضنا - إلى أن نؤلف شخصيتنا من جديد، التأليف هنا هو البناء؛ أي: هو العمل الإيجابي؛ أي إننا نشفي أنفسنا بالتحليل، ثم يجب أن نعود إلى التأليف لكي نكون شخصيتنا من جديد تكوينا سليما.
ويجب أن نذكر أن خير من يحللنا هو شخص آخر محايد، ولكن إذا تعذر هذا فلا بأس من أن نحلل أنفسنا، والطبيب العضوي لا يعالج مرضه، بل لا يعالج مرض زوجته أو ابنه إذ يلجأ إلى طبيب آخر ينظر بوجدانه؛ لأني عندما أعالج نفسي أو ابني يشق علي أن أنظر بالوجدان الصحيح، وكثيرا ما أنساق في تيار العاطفة أو المركبات النفسية السابقة.
ما هو الأساس للاختلال النفسي؟
هو أن تيار العواطف والدوافع والكظوم - ومعظمها مخاوف مكظومة - يصطدم بالواقع.
وهذه العواطف والدوافع والكظوم تخفى علينا وتحتبس في الكامنة؛ أي: العقل الكامن، ثم تصوغ سلوكنا وتوجهه وجهات فاسدة، أو هي تثور بنا ثورة الانفجار الذي يؤذينا.
والفرق بين السليم والمريض يخفى على كثير من الناس، ويخفى أكثر على المريض نفسه؛ لأن كل ما يجد أن عواطفه حادة، وأن أقرانه لا يبالون أشياء يباليها هو كثيرا، وأن الهم الذي ينتاب صديقه ساعة يلازمه هو أياما، بل شهورا، وقد لا يلاحظ هو كل ذلك.
اعتبر مثلا هذه الأشياء: الشك، التكمل، الخوف، الطهارة، الاحترام، القلق، الاغتمام، التشاؤم، الذكريات البعيدة.
فإن الشخص السليم يشك، وقد يعاود عمله لكي يثق بأنه على ما أراد أن يكون، ولكن المريض يلازمه الشك في كل ما يعمل تقريبا، وهو يجد أن المعاودة للوثوق والطمأنينة، هذه المعاودة قهرية متكررة.
Shafi da ba'a sani ba