81

أضناه التعب، وعاد لا يكون صاحبا لثياب غير ما هو ضروري لستر عورته، التي يدعوها الرجل محل حيائه، وكان كنديد لا يميل إلى رأي بنغلوس، عندما دنا منه فارسي بأدب جم، راجيا منه أن يتفضل بتشريف منزله، فقال كنديد: «أنت تهزأ، فأنا شخص ترك منزلا هزيلا له على شاطئ بحر مرمرة، وأنا تزوجت الآنسة كونيغوند بعد أن صارت دميمة جدا، وصرت أسأم، والواقع أنني لم أخلق قط لتشريف منزل أحد، وأنا لست شريفا والحمد لله، ولو كان لي فخر الشرف، لدفع البارون ثندر تن ترنك غاليا ثمن ما أنعم به علي من ضربي على أليي برجله، وإلا لكنت أموت خجلا، وهذا ينطوي على شيء من الفلسفة، وهذا إلى أنني جلدت جلدا شائنا من قبل التفتيش المقدس، ومن قبل ألفي بطل، يقبض كل واحد منهم ثلاثة أفلس مياومة، أعطني ما تشاء، ولكن لا تشتمني على بؤسي بسخرية تبطل بها جميع إحساناتك.»

ويجيب الفارسي: «سيدي، قد تكون سائلا، وهذا ما يدل عليه حالك، بيد أن ديني يأمرني بالقرى، ويكفي أن تكون إنسانا تعسا، حتى يكون إنسان عيني سبيل قدميك، فتفضل وشرف منزلي بوجودك المنير.»

ويجيب كنديد: «سأصنع ما تريد.»

ويقول الفارسي: «ادخل، إذن.»

دخلا، ولم يمل كنديد من الإعجاب بما يبديه له مضيفه من العناية المقرونة بالاحترام، كأن يقوم العبيد برغباته قبل أن يعرب عنها، ولم يبد جميع المنزل إلا عاملا على نيل رضاه، وقال كنديد في نفسه: «إذا دام هذا لم تسر الأمور سيئة في هذا البلد.»

ومرت ثلاثة أيام، دام فيها كرم الفارسي كالعادة، فبدأ كنديد يقول: «أيها الأستاذ بنغلوس، كنت أشك دائما في وجود الحق بجانبك، فأنت فيلسوف عظيم.»

الفصل الثاني

ما وقع لكنديد في ذلك المنزل، وكيف خرج منه؟

أحسن غذاء كنديد ولباسه، وذهب عنه الملل، فلم يلبث أن صار ورديا ناضرا جميلا كما كان في فستفالية، ويرتاح مضيفه إسماعيل راغب إلى هذا التحول، وكان إسماعيل هذا بالغا من الطول ست أقدام، وكان ذا عينين صغيرتين حمراوين إلى الغاية، وكان ذا أنف ضخم متبرعم،

1

Shafi da ba'a sani ba