كان أخوال العاص بن وائل من قضاعة، ونمى إلى النبي - عليه السلام - أنهم يتأهلون للزحف على المدينة ويعيثون في الطريق، فندب لهم عمرا يتألفهم إن استطاع، فإن لم يستطع فهو بأن يزجرهم أولى من أن يجيء زجرهم على يد غيره، وأرسله في سرية من ثلاثمائة رجل سار بهم حتى بلغ ماء يسمى السلاسل، فاستطلع فإذا القوم نافرون مصرون على جفاء، وإذا بهم أكبر عددا من أن يتصدى لهم بجيشه الصغير؛ فاستمد النبي - عليه السلام - فأمده بكتيبة على رأسها أبو عبيدة بن الجراح، وفيها أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وهم أجل الصحابة وأقربهم إلى خلافة النبي - عليه السلام - وأمرهم أن يطيعوه إذا أبى عليهم الطاعة فبلغه بذلك رضاه من الإمارة!
وانهزمت قضاعة منذ الوقعة الأولى ...
فلم يغتر عمرو بالنصر، ولم ينس ذمة القرابة واستبقاء الرحم على ما يبدو من مسلكه الذي جمع به بين المصلحة والمودة، فقد أراد جيشه أن يتعقب المنهزمين، فنهاهم عن ذلك، وذهب جماعة من الجيش يصطلون ليلا، فتوعدهم لئن فعلوا ليقذفن بمن أضرم نارا في النار التي أوقدها، ووسطوا له أبا بكر فأصر على رأيه ووعيده!
ثم شكوه إلى النبي فكان في عذره بلاغ بين، قال: كرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد، وكرهت أن يوقد المسلمون نارا فيرى عدوهم قلتهم فيكر عليهم بعد فراره. •••
أما بعثته إلى سواع فقد كانت لهدم ذلك الصنم الذي عبدته هذيل في الجاهلية، وكان على مقربة من مكة، يقصدونه للحج والعبادة وقضاء النذور، وكانت له خزانة يودع فيها ما يودع من النذور ومن المال المحجر الذي وكل به بنو سهم قبل الإسلام، فكان اختيار زعيم من بني سهم فيه حرص على تحصيل المال نعم الاختيار لتلك البعثة التي لا حرب فيها.
سأله سادن الصنم: ماذا تريد؟
قال: أمرني رسول الله أن أهدمه.
قال السادن: إنك لا تقدر على ذلك.
فتقدم عمرو إلى الصنم وكسره، وأمر أصحابه بهدم الخزانة فإذا هي خاوية!
فأقبل على السادن يسأله: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله رب العالمين. •••
Shafi da ba'a sani ba