82

[مدارج الأولياء]

قلت: فإذا وجدت الإرادة أي شيء أفعل ؟

قال: { قم الليل إلا قليلا، نصفه أو أنقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا } [المزمل: 2 - 4].

قلت: بأي شيء أفعل ذلك ؟

قال: بقلة الطعام، وقلة الكلام.

قلت: كيف أصبر على الحق ؟

قال: بذكر المقام.

قلت: وما المقام ؟

قال: مقامك بين يدي الله سبحانه يوم القيامة.

قلت: وكيف أصبر عن الكلام ؟

قال: أكثر ذكر الله حتى تجد حلاوته تلهيك عن كلام الفضول.

قلت: ومن يقدر على ذلك.

قال: الذي يريد أن يصل إلى ربه.

قلت: أو جد لي ما أيسر علي من ذلك ؟

قال: عليك بكثرة الدعاء والتضرع، حتى تأتيك المعونة من الله سبحانه.

قلت: كيف يصل العبد إلى ربه ؟

قال: إذا صبر على ذكره، وأدمن على شكره، ( وصل إليه بقلبه.

قلت بأي شيء ) يصل إلى ربه ؟

قال: بالجهد الدائم، والدعاء والتضرع، ثم عرف وعلم وأيقن أنه لا يصل إلى ربه إلا به.

قلت: بأي شيء ينجو العبد من عذاب ربه ؟

قال: بترك الذنوب.

قلت: أرأيت العبد إذا وصل إلى ربه أيسكن عنه الخوف والوجل أم لا ؟

قال: لا.

قال: لم وهو على يقين من ذلك ؟

قال: نعم. من اليقين أن يكون خوفه ووجله.

قلت: أو يكون طالبا لرزقه.

قال: نعم يكون شديد الطلب لرزق الآخرة.

قلت: أعني رزق الدنيا.

قال: { من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب } [الشورى: 20].

قلت: كيف يكون واثقا برزقه موقنا ؟

قال: كما يكون موقنا بالموت واثقا مصدقا أنه لا بد أن ينزل به.

قلت: ما علامة المحب ؟

قال: يقرأ القرآن ويكون قرة عينه ولا يشبع من قراءته.

قلت: كيف يخافه ويحبه من قلب واحد ؟

قال: لأنه محب لواحد، فالخوف منه في حبه له، والحب له في خوفه منه، مثل النار والنور، فالخوف نار، والحب نور، فلا يكون أبدا نور بلا نار.

Shafi 334