Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Nau'ikan
missile ، معبرا تماما؛ إذ كانت تخطئ هدفها وهو ما يعبر عنه المقطع الأول من الكلمة الإنجليزية
miss . حتى إذا استطاعت الرأس الحربية المثبتة على الصاروخ الصمود عند اختراق الغلاف الجوي، فستهدر طاقته في إصابة الأبقار والفلاحين في المزارع الجماعية القريبة، تاركا موسكو دون أن يصيبها بأي أضرار.
على الرغم من ذلك، كانت وجهة نظر بوش تعتمد على حجة أكبر، وهي أن الولايات المتحدة لم تكن في حاجة إلى هذه الأسلحة الصاروخية؛ فقد أثبتت القوات الجوية العشرون زعامتها للقوة الجوية، بإحراقها اليابان من خلال شن غارات واسعة بقاذفات «بي-29»، ثم إدارة عملية الضربة القاضية في هيروشيما وناجازاكي. بالإضافة إلى ذلك، كانت الولايات المتحدة تتخطى بالفعل قاذفات «بي-29»؛ إذ كانت قاذفات «بي-50» تكافئ قاذفات «بي-29» بل تتفوق عليها في استخدام محركات ذات قدرات أعلى كثيرا. ثم سرعان ما انضمت إلى اختبارات الطيران القاذفة «بي-36»، التي كانت تستخدم ستة من هذه المحركات مقارنة بأربعة محركات فقط في «بي-50». وكان بإمكان القاذفة «بي-36» عبور المحيط الأطلنطي من الساحل الشرقي، وإلقاء قنبلة بلوتونيوم على موسكو، ثم العودة إلى قواعدها، وذلك كله في رحلة واحدة دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود.
خلال السنوات العديدة التي أعقبت ذلك، حدثت تطورات جديدة صبت في مصلحة مؤيدي تطوير القاذفات؛ فوفقا لرؤيتهم، كان من المنتظر أن تعمل عمليات إعادة التزود بالوقود أثناء الطيران على توسيع المدى الذي تبلغه هذه الطائرات. وكان من المتوقع أن تقدم القاذفات النفاثة سرعات أكبر وتحلق على ارتفاعات أعلى، وهو ما يزيد من صعوبة إسقاطها. وزادت قواعد ما وراء البحار، الكائنة قرب الحدود السوفييتية، من احتمالات خروج المقاتلات النفاثة مع القاذفات، وهو ما كان يوفر لها مزيدا من الحماية. والأهم من ذلك حقيقة بسيطة، وهي أننا كنا الطرف الذي في حوزته القنبلة وليس أعداؤنا. وإلى أن يمتلك أعداؤنا قنبلة، وحتى يمثلوا تهديدا استراتيجيا جسيما، كانت الصواريخ البعيدة المدى ستواصل تطورها في انتظار اليوم الذي تستخدم فيه.
مع ذلك، بينما لم تكن القوات الجوية تضمر أية نية مباشرة في بناء هذه الصواريخ، بدا من الحكمة فهم ما هو مطلوب تحديدا لبنائها. وفي أكتوبر 1945، قبل خمسة أسابيع من مثول فانفر بوش أمام الكونجرس، أرسلت قيادة الخدمات الفنية الجوية خطابات إلى المسئولين في شركات الطائرات الأمريكية الرئيسية ، داعية إياها إلى إعداد عروض لوضع برنامج مدته عشر سنوات لتطوير أربعة طرازات من الصواريخ. وكانت هذه الصواريخ تتنوع ما بين صواريخ قصيرة المدى تصل إلى عشرين ميلا، وصواريخ طويلة المدى تصل إلى خمسة آلاف ميل. وفي شركة «كونفير» في سان دييجو، جذبت الدراسة التي وضعت استجابة لهذه الدعوة انتباه اختصاصي في هياكل الطائرات، يدعى كاريل بوسارت، وكان الجميع يطلق عليه اسم تشارلي.
نشأ بوسارت في بلجيكا، وبعد حصوله على شهادة علمية في هندسة التعدين من جامعة بروكسل عام 1925، انضم إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في منحة زمالة، وتعرف من خلال المعهد على علم الطيران، وواصل عمله حتى صنع اسما لنفسه في مجال تصميم هياكل الطائرات، التي كانت تتطلب تحقيق أقصى متانة مع أقل وزن ممكن. قضى بوسارت سنوات الحرب كاختصاصي في مجال الطائرات، وعندما علم بأمر الصاروخ «في-2»، رأى في ذلك إهدارا هائلا للأموال؛ لكن عندما وصل عقد دراسة القوات الجوية، رأى بوسارت فيه تحديا لم يستطع مقاومته، وذهب إلى كبير المهندسين وتولى مهمة تنفيذ العقد.
اقترح فريق بوسارت ثلاثة مشروعات، تهدف جميعها إلى بناء صواريخ يبلغ مداها 5000 ميل. وكان المشروع «أ» عبارة عن الصاروخ «كروز»، وهو طائرة نفاثة بلا طيار تحلق أثناء مهمتها الأحادية الاتجاه بالاعتماد على طيار آلي متطور. وكان المشروع «ب» عبارة عن صاروخ تجريبي يشبه إلى حد ما الصاروخ «في-2»، وكان سيسمح لشركة «كونفير» باكتساب خبرة في المجال الجديد لصواريخ الوقود السائل الكبيرة. أما المشروع «ج»، فكان عبارة عن صاروخ طويل المدى، وهو ما أعرب فانفر بوش عن ازدرائه له. كانت هذه التصورات الثلاثة في حاجة إلى أسماء، وقدم هذه الأسماء مهندس الدفع بيل لستر؛ فأطلق اسم تيتوتلر (أي الممتنع عن المكسرات) على صاروخ المشروع «أ»؛ إذ كان نموذج الصواريخ الوحيد ضمن النماذج الثلاثة الذي لم يكن يستخدم الكحول كوقود. وأطلق على صاروخ المشروع «ب»، الصاروخ التجريبي، اسم «أولد فاشوند» (أي قديم الطراز)، نظرا لتشابهه مع الصاروخ «في-2»، وكان من المفترض أن يحمل صاروخ المشروع «ج »، الصاروخ العابر للقارات، اسم «أتوميك بومب» (أي القنبلة الذرية)، وهو الصاروخ الذي أطلق لستر عليه اسم «مانهاتن».
قدمت القوات الجوية تمويلا بقيمة 1,9 مليون دولار أمريكي، وكان بوسارت يعتقد أن ذلك كان يكفي لشراء بعض المعدات. ولم يكن ثمة أمل في بناء مانهاتن، لكن كان بناء الصاروخ «أولد فاشوند» الأصغر حجما في المتناول. وحصل الصاروخ «أولد فاشوند» على اسم ثالث، «إم إكس-774»، وهو الاسم الذي أطلقته القوات الجوية على الدراسة بأكملها. وبدأ بوسارت العمل في عزم لحل ما رآه المشكلة الرئيسية، ألا وهو توظيف خبرته في تصميم هياكل الطائرات لتقليل وزن الصاروخ إلى أدنى حد. وكان ثمة أشخاص آخرون يتحدثون عن ضرورة تصميم محركات قوية، بيد أن بوسارت كان يعلم أن استغلال تخصصه بمهارة ربما يؤدي إلى تصميم صاروخ خفيف الوزن يستطيع بلوغ موسكو بسهولة بالغة.
كان فون براون قد بنى الصاروخ «في-2» من الصلب، مقويا إياه عن طريق إضافة هيكل داعم وبناء خزانات الوقود كحاويات منفصلة داخل هذه الطبقة الخارجية. ورأى بوسارت أن من الممكن تقليص الوزن في المناطق الثلاث بأكملها؛ وبطبيعة الحال، قرر أن يستخدم الألومنيوم، وسمح للطبقة الخارجية بتأدية مهمة مزدوجة عن طريق الاحتفاظ بوقود الدفع، مستغنيا من ثم عن سعة الخزان الداخلي. ومضى بوسارت في إضافة المزيد من التعديلات، فرأى أن من الممكن أيضا التخلي عن الإطار المقوي، والعمل بدلا من ذلك على تقوية الطبقة الخارجية وحمايتها من التداعي من خلال ضغط جوانبها الداخلية باستخدام النيتروجين؛ ومن ثم، كان صاروخه يشبه البالون، الذي لم يكن في حاجة إلا إلى ضغط داخلي محدود للحفاظ على شكله بصورة فعالة تماما. وكان من المنتظر أن يصبح حجم الصاروخ ثلثي حجم نموذج الصاروخ «في-2»، ولكن أكبر قليلا من ثمن وزنه فارغا.
كانت ثمة مخصصات مالية في الميزانية لتصميم نظام توجيه بسيط يعتمد على طيار آلي، لكن فيما يتعلق بمحرك الصاروخ «إم إكس-774»، كان على بوسارت أن يستخدم كل ما كان متوافرا. ومرة أخرى، كانت شركة «ريأكشن موتورز » هي التي تصدت لتنفيذ تلك المهمة، طارحة نموذجها من المحرك «إكس إل آر-2» ذي غرف الاحتراق الأربع، وهو النموذج الذي اختاره مصممو الطائرة «إكس-1» التجريبية، الذين كانوا يعملون بميزانية محدودة، لتنفيذ مشروع صاروخهم. وكان هذا النموذج يستخدم مضخة توربينية بغرض تغذية الوقود بمعدلات تدفق أسرع، من خلال ضغط الغاز، فيما يبدو، لتعزيز قوة الدفع لتصل إلى 8000 رطل. وحاكى بوسارت شكل نموذج الصاروخ «في-2» عمدا، وهو ما سمح للاختصاصيين في مجال ديناميكا الهواء بين أفراد فريقه باستخدام بيانات أنفاق الرياح الألمانية في دراساتهم.
Shafi da ba'a sani ba