Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Nau'ikan
بدأ نيبل مشروعه بزيارة هيئة السكك الحديدية الحكومية، حيث جمع قطع الأخشاب المتخلفة من عربات القطارات، واستخدم هذه الأخشاب في رأب الجدران المتصدعة وتغطية الأرضيات. وعلى نحو مشابه، عثر على موقدين قديمين يصلحان للتدفئة في الشتاء، واشترى آلة كاتبة من متجر رهونات وبدأ في كتابة مئات الخطابات، التي سعى فيها إلى الحصول على دعم من الشركات والحكومة؛ وبهذه الطريقة، استطاع توفير مصدري طاقة وضوء مجانيين، وأكسجين سائل، وسبيكة ألومنيوم، وأواني طلاء، ومخرطة أخشاب صغيرة، وماكينة حفر.
امتدت قدرة نيبل على الإقناع إلى مصلحة الضرائب، التي أعفت مكتبه من دفع ضريبة إنتاج على الجازولين، وهو ما خفض نفقات المكتب بمقدار الثلثين تقريبا. بالإضافة إلى ذلك، كان نيبل يعرف كيف يغير الظروف لصالحه، وسوف يذكر فيرنر فون براون لاحقا كيف «استطاع إقناع مدير شركة «سيمنز هايسكه إيه جي» بتوفير كمية كبيرة من أسلاك اللحام، من خلال وصفه الواضح لأهمية رحلات الفضاء وضرورة التعجيل بها.» ويستطرد فيرنر قائلا: «كان استخدامنا لهذا النوع من الأسلاك محدودا للغاية، إلا أن نيبل قدم هذه الأسلاك إلى ورشة لحام في مقابل الاستعانة بجهود عمال اللحام المهرة، وهو ما كنا في أشد الحاجة إليه.»
توافرت القوى العاملة التي استعان بها على هذا النحو العفوي نفسه؛ فبعضهم كانوا أعضاء في جمعية رحلات الفضاء، وكان من بين هؤلاء فون براون نفسه. بالإضافة إلى ذلك، وفر مطار الصواريخ عملا للرجال المؤهلين الذين فقدوا وظائفهم أثناء فترة الكساد العظيم، ولم يكن في مقدور نيبل دفع رواتب لهم، لكنه استطاع أن يوفر لهم معسكرات إقامة دون إيجار في الأبنية التابعة له. وبالنسبة إلى الطعام، كان ثمة مصنع قريب تابع لشركة سيمنز يدير مطعما لتقديم الوجبات المجانية، وكان بعض هؤلاء الأشخاص يتلقون إعانات بطالة، وكانوا جميعا سعداء بالفرصة التي أتيحت لهم لمزاولة العمل والحفاظ على مهاراتهم.
كتب أحد الزائرين لاحقا يقول: «كان مطار الصواريخ يتألف من مجموعة صغيرة من الثكنات البسيطة للغاية، وكثير من الورش، وكان في مقدور المرء أن يستشف بسهولة التفاني الشديد الذي لدى رجال نيبل في العمل؛ كان معظمهم أشبه بضباط يعيشون وفق نظام صارم من الانضباط العسكري. كان هو وطاقمه يعيشون كالمتنسكين، ولم يكن أي من هؤلاء الرجال متزوجا.»
3
إنهم لم يكونوا مجرد هواة، بل هواة بلا عمل؛ ومع ذلك، باشروا عملهم بسرعة مذهلة.
بحلول منتصف مايو من عام 1931، بعد أقل من ثمانية أشهر، كان طاقم نيبل قد أعد صاروخا تجريبيا جاهزا للإطلاق، وفي ذلك الوقت كانوا قد انتهوا من بناء وتعديل نوعين من المحركات، وكان أكثرهما تطورا يشتمل على قميص تبريد مملوء بالماء. ووصف المؤلف فيلي لاي لاحقا كيف انطلق الصاروخ مصدرا «صوتا عاليا للغاية»:
ارتطم الصاروخ بسقف المبنى وانطلق مائلا بزاوية 70 درجة تقريبا، وبعد ثانيتين أو نحو ذلك بدأ في الالتفاف في حركة أنشوطية، وقذف كل المياه خارج قميص التبريد، وهبط بسرعة بالغة بقوة المحرك. وبينما كان يهبط سريعا تحطم جدار غرفة الاحتراق - التي لم تعد تبرد - في أحد الأجزاء، ومع وجود المحركين النفاثين المسئولين عن دوران الصاروخ، زادت سرعة الصاروخ بمعدل جنوني تماما، ولكنه لم يتحطم حيث نفد الوقود في اللحظة التي عدل فيها اتجاهه بعد عملية الانقضاض بقوة المحرك أثناء هبوطه قرب الأرض. وفي حقيقة الأمر، كاد الصاروخ يهبط هبوطا كاملا.
4
كان هذا هو صاروخ «ريبولسر 1»؛ استقى لي الاسم من روايات الخيال العلمي للكاتب كورد لاسفيتس. وكان صاروخ «ريبولسر 2» جاهزا للإطلاق بعده بأيام قليلة. ومثلما كتب لي لاحقا: «انطلق الصاروخ إلى ارتفاع 200 قدم تقريبا، ثم مال جانبا كما لو كان سيارة تسير في منحنى. وفي ذلك الوضع انطلق الصاروخ مندفعا في أرجاء المكان كله، وكان لا يزال ينطلق بكامل طاقته.» وحلق الصاروخ إلى ارتفاع 2000 قدم تقريبا قبل أن يصطدم بشجرة.
Shafi da ba'a sani ba