213

Cadd Tanazuli

عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء

Nau'ikan

لكن، كانت «مارتن ماريتا» بصدد إعداد رد على «آريان 5»، وتجسد الرد في تصميم صاروخ «تايتان 4» متطور. على غرار الصواريخ الأخرى من هذا النوع، كان «تايتان 4» يمثل نسخة مطورة من «تايتان 3»، الذي انطلق المرة الأولى في عام 1965، لكنه لم يكن بالتأكيد صاروخ «تايتان» الأول، وفي مقدور المرء تقدير مميزاته في ضوء تصميم لمركبة فضائية نووية كان مهندس الصواريخ ماكس هانتر قد قدمه في منتصف الستينيات من القرن العشرين؛ كان التصميم يتضمن غرفة بضائع أكبر من خزان الوقود، وكتب هانتر أن هذا هو الشكل الأمثل الذي يجب أن تكون عليه المركبة الفضائية.

كان «تايتان 2» يتجاوز في طوله مائة قدم بقليل. ضاعف «تايتان 4» هذا الارتفاع إلى 204 أقدام، وكان معظم هذا يعزى إلى المقدمة المخروطية التي كان يبلغ طولها ستا وثمانين قدما مضروبا في عرض سبعة عشرة قدما تقريبا. كانت أوسع من غرفة حمولات المكوك الفضائي وأطول بمقدار ست وعشرين قدما. كان صاروخا التعزيز ذوا الوقود الصلب موضوعين على امتداد الجزء الأكبر من طول الصاروخ الأساسي ذي الوقود السائل، بينما أضاف صاروخ المرحلة العليا «سينتاور» الذي لم يستطع المكوك الفضائي نقله، مزيدا من القدرة. في ظل الزيادة التي حدثت في قوة الدفع من جراء صواريخ التعزيز ذات الوقود الصلب، تمكن الصاروخ «تايتان 4» من رفع 49 ألف رطل إلى مدار منخفض، وهو ما يزيد عن ضعف حمولة الصاروخ «تايتان 3» السابق وستة أضعاف الصاروخ «تايتان 2».

صواريخ التعزيز القابلة للاستخدام مرة واحدة لعام 1995: الصواريخ الأمريكية ممثلة في الصاروخ «دلتا 2»، والصاروخ «تايتان 4» الذي يشتمل على غطاء واق للمقدمة المخروطية بطول 86 قدما، والصاروخ «أطلس 2 إيه إس»، بالإضافة إلى الصاروخ «آريان 4» الأوروبي والصاروخ «بروتون» السوفييتي (دان جوتييه).

بالإضافة إلى ذلك، أدت موجة من النشاط على مستوى الشركات إلى وضع «بروتون» و«أطلس» و«تايتان» تحت سقف واحد. في عام 1994، اشترت شركة «مارتن» القسم الذي تولى تصميم «أطلس-سينتاور» في شركة «جنرال داينمكس»؛ ثم في عام 1995، حدث اندماج بين هذه الشركة وشركة «لوكهيد» مكونتين شركة جديدة من الشركات العملاقة في مجال الفضاء، وهي شركة «لوكهيد مارتن»؛ وكان هذا جزءا من عملية دمج تضمنت الشركات الكبرى في صناعة الطيران والفضاء، نشأ عن نقص في العقود العسكرية في أعقاب الحرب الباردة. أعلن المسئولون بشركة «لوكهيد مارتن» ومركز خرونتشيف أنهم سيدمجون الصاروخين «أطلس» و«بروتون» في عائلة واحدة من مركبات الإطلاق ليدعم أحدهما الآخر، وثارت ثائرة تشارلز بيجو الذي كان قد أصبح في تلك الأثناء رئيس مجلس إدارة «إيرو سبيس»، وأضاف محذرا من إغراق ممنهج للسوق بصواريخ «بروتون»، قائلا: «هذا إعلان للحرب.»

إذا كان قد قدر لهذه الحرب أن تندلع في حقيقة الأمر، لشهدت وقوف واشنطن وموسكو معا كحلفاء ضد الفرنسيين. كان من بين الموضوعات المهمة التي أثارها هذا الموضوع على الفور الصاروخ «أطلس 2 إيه إس»، وهو آخر نماذج «أطلس-سينتاور». كحال النماذج التي صممت عام 1957، كان «أطلس» يحتوي على محركي صاروخي تعزيز يعملان بالوقود السائل، فضلا عن محرك مداومة لدفعه إلى مدار فضائي. كان الصاروخ يحتوي أيضا على أربعة صواريخ تعزيز صغيرة مربوطة به، بإجمالي سبع محركات صاروخية. كان هذا أمرا جيدا للغاية، وقرر نورمان أوجستين - رئيس «لوكهيد مارتن» - أن الوقت مناسب للتبسيط؛ كان يريد نموذجا جديدا من «أطلس» يشتمل على محرك أو محركين فقط يحلان محل المحركات السبعة.

وضعت المنافسة الناتجة عن ذلك - وهي شركة «روكيت داين» التي كانت تبني محركات «أطلس» حتى قبل وجود برنامج الصواريخ ذلك - في مواجهة مع غريمين روسيين. عرضت «ترود» محركها «إن كيه-33»، بينما تولت شريكتها «إيروجت» تشغيل هذا المحرك على منصة اختبار والتحقق من أدائه. اقترحت «إنرجوماش» بدورها تقسيم «آر دي-170» إلى نصفين. كان هذا المحرك يشتمل على أربع غرف دفع تغذيها مجموعة واحدة من المضخات التوربينية، وهو تصميم كان فالنتين جلشكو أول من أدخله منذ زمن طويل. كان المقترح الجديد يتطلب نموذجا معدلا، «آر دي -180»، يستخدم غرفتي دفع فقط، فضلا عن مجموعة صغيرة من المضخات التوربينية تتلاءم مع قوة دفعه المخفضة.

في نوفمبر 1995، خرجت «روكيت داين» من السباق الثلاثي الاتجاهات؛ إذ قرر رئيسها بول سميث أن المحرك الصاروخي لا يمكن أن يكون جاهزا في الوقت المحدد بحيث يفي بالجدول الزمني لشركة «لوكهيد مارتن»، وأشار إلى أن مسئوليها التنفيذيين «كانوا ملتزمين بصفة أساسية ببناء محرك صاروخي». وقد قال وهو ينظر بشيء من الحزن على مشروع جديد للبنتاجون، وهو مشروع مركبة الإطلاق المتطورة القابلة للاستخدام مرة واحدة: «نأمل في أن تدرك القوات الجوية فوائد الحفاظ على مركبة فضائية أمريكية خالصة.» لكن كان هذا المشروع لا يزال خطوة مستقبلية، بينما كان مشروع «أطلس» الجديد وشيكا وفي المتناول. في يناير 1996، وقع اختيار مصممي المركبة على محرك «آر دي-180» باعتباره المحرك الفائز. صرح أحد مسئولي «لوكهيد مارتن» أن الصاروخ «أطلس» هذا سيحقق «أفضل مكانة» في السوق التجارية، بإطلاق أقمار صناعية أحادية للاتصالات بأكبر الأحجام.

كان اختيار «آر دي-180» بمنزلة انتصار بعد الممات لفالنتين جلشكو الذي كان قد توفي في عام 1989. كانت الشركة المصممة للمحرك، وهي «إن بي أوه إنرجوماش»، قد نشأت عن مؤسسة محركات صاروخية أسسها جلشكو في ضاحية خيمكي بمدينة موسكو في أعقاب الحرب العالمية الثانية؛ وعلى الرغم من أن هذا المحرك كان قد دخل في منافسة على قدم المساواة مع محرك «إن كيه-33» لكوزنيتسوف، جاءت نتيجة المنافسة انعكاسا لنتيجة المعركة حول الصاروخ «إن-1» القمري لكوروليف. كان «إن كيه-33» عبارة عن نموذج قديم من الصاروخ «إن-1»، الذي كان جلشكو قد أخرجه من الخدمة. أما «آر دي-180»، فقد كان يرتبط ارتباطا وثيقا بالصاروخ «إنرجيا» لجلشكو. تبدت المنافسة القديمة بين كوروليف وجلشكو مرة أخرى على الأراضي الأمريكية، وانتهت مجددا بالطريقة نفسها. بالإضافة إلى ذلك، كان من المنتظر أن تبني شركة «برات آند وتني» محرك «آر دي-180» في وست بالم بيتش بولاية فلوريدا، مع دفع عوائد الملكية إلى موسكو بالعملة الصعبة.

في تلك الأثناء، كان دان جولدن يؤكد وجوده في ناسا؛ إذ كان الرئيس بوش قد أعفى سابقه ريتشارد ترولي من مهام منصبه في وقت مبكر من عام 1992، وعين جولدن مديرا جديدا للوكالة. حظي جولدن بدعم قوي من نائب الرئيس دان كوايل، رئيس مجلس إدارة أحد مجالس الفضاء، الذي كان يرغب في التوقف عن استخدام الممارسات التقليدية، وجاء جولدن بأمر تنفيذي لتغيير الأوضاع. اتفق جولدن وكوايل على أن إحدى المشكلات الرئيسية كانت تكمن في وجود رغبة في تنفيذ عدد من المشروعات الكبيرة الجذابة، التي كانت عرضة لتأجيلات طويلة وتجاوزات كبيرة في التكلفة. حصل برنامج الفضاء المأهول على نصيبه من هذه الجهود بلا شك، بيد أن ذلك أثر أيضا على برنامج الفضاء غير المأهول في ناسا؛ عندئذ فقط، كان مرصد هابل الفضائي مثالا على ذلك.

كان المرصد عبارة عن مرصد فضائي حقيقي في مدار فضائي، مزود بمعدات وألواح شمسية كمصدر للطاقة، ونظام دقيق للغاية يتولى توجيهه إلى نجم محدد أو مجرة بعينها، ونظام بيانات. صمم هذا المرصد بناء على القاعدة التكنولوجية نفسها التي أتاحت الإمكانية لتصميم قمر الاستطلاع الصناعي «كيه إتش-11»، بما في ذلك المرايا الكبيرة ذات الشكل الدقيق للغاية، وأجهزة إقران الشحنات المسئولة عن تكوين صوره. مع ذلك، لم يكن شراء القمر «كيه إتش-11» وتوجيهه ببساطة إلى النجوم بالأمر الممكن. ظل وجود «كيه إتش-11» في حد ذاته سريا لفترة، وكانت تفاصيل تصميمه مسألة غاية في السرية. كان جهاز الاستخبارات هو الجهة الوحيدة التي في مقدورها استخدام هذا القمر، وإن كان ذلك سرا. على النقيض من هذا، كان علماء الفلك على مستوى العالم يباشرون عملهم علانية، دون أي موافقات أمنية، ولم تكن وكالة الاستخبارات المركزية لتتحدث إليهم.

Shafi da ba'a sani ba