212

Cadd Tanazuli

عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء

Nau'ikan

ج:

حسنا، أكثر من 10 ملايين دولار أمريكي. أسراري تتسرب!

1

لكن سمح سقوط الشيوعية في أغسطس 1991، بتخفيف القيود على الصادرات وبمنح موسكو الشروط الملائمة التي كانت واشنطن قد وسعت من نطاقها سابقا لتشمل بكين؛ وهو ما أفضى إلى زيادة هائلة في المشروعات المشتركة، التي اقتربت من دمج الأنشطة الأمريكية والروسية الكبرى في برنامج دولي منسق.

بلغت الدولتان مرحلة مهمة في يونيو 1992، عندما التقى الرئيس جورج بوش نظيره الروسي بوريس يلتسن؛ كان على رأس أجندتيهما إبرام اتفاقية للحد من الأسلحة، مع تعهدهما رسميا بتفكيك كثير من القاذفات والصواريخ الباليستية العابرة للقارات والرءوس الحربية النووية التي كانت قد وجهتها كل منهما إلى الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، جددا اتفاقية كانت قد أبرمت في عام 1987 حول التعاون في مجال الفضاء ووسعا من نطاقها. سمحت الاتفاقية الجديدة لرواد الفضاء الروس بالطيران على متن مركبات فضاء أمريكية، والعكس صحيح. استعادت هذه الاتفاقية روح بعثة «أبولو-سويوز» لعام 1975، لكنها برهنت على نية واضحة أن يتضمن هذا التعاون الجديد ما هو أكثر من بعثة أحادية الخطوة.

شجعت الاتفاقية بقوة المسئولين التنفيذيين في «لوكهيد»، الذين كانوا يسعون سعيا محموما وراء مركبة الإطلاق الروسية «بروتون». واجهت «بروتون» ظروفا صعبة؛ حيث لم تكن الشركة المصنعة لمحركها، «موتورسترويتل»، قد تلقت طلبات جديدة، ولم تكن تحصل على مقابل لعملها. وعلى الرغم من ذلك، واصلت الشركة بناء محركاتها؛ إذ مثلما أشار أحد مديري الشركة قائلا: «كانوا يحتاجون هذه المحركات بشدة، والمشكلة أنهم لم تكن لديهم أي أموال لسداد مقابلها.» تكبدت «موتورسترويتل» خسائر جسيمة، وتوقف العمل فيها وأغلقت.

كان مصنع خرونتشيف قرب موسكو، الذي تولى بناء «بروتون»، يمثل الذراع التصنيعي لإمبراطورية صواريخ فلاديمير تشلومي. جاء مسئولو «لوكهيد» في زيارة للمصنع في عام 1992، ومضوا في إقامة مشروع مشترك باسم «خدمات الإطلاق الدولية»، صار مسئولا عن تسويق «بروتون» دوليا كمركبة إطلاق فضائية. أبرمت اتفاقية حكومية دولية في عام 1993 نصت على شروط دخول موسكو إلى هذه السوق التجارية؛ حيث وافقت روسيا على إجراء ما يصل إلى ثماني عمليات إطلاق إلى مدار جيوتزامني قبل عام 2001. في غضون أشهر، تلقى مؤيدو «بروتون» أول طلبية، عندما رتبت «سبيس سيستمز»/«لورال» - وهي شركة مصنعة للأقمار الصناعية في مجالي الاتصالات والأرصاد الجوية - شراء خمس مركبات إطلاق من هذا النوع. في أبريل 1996، أطلق «بروتون» أول أقماره الصناعية الغربية كإحدى الرحلات التابعة لمشروع خدمات الإطلاق الدولية.

كانت شركات المحركات الصاروخية في أمريكا تزاول أعمالها بنشاط أيضا. كان انفجار الصاروخ «إن-1» القمري قبل عشرين عاما قد خلف كنزا من المحركات في المخازن، متضمنا تصميمات لنيكولاي كوزنيتسوف، من تلامذة كوروليف النجباء. كانت الشركة المصنعة لهذه المحركات، وهي شركة تسمى «ترود»، تريد أن تبيعها في الولايات المتحدة. في كاليفورنيا، كانت «إيروجت» مهتمة على وجه خاص بالصاروخ «إن كيه-33»، وهو نموذج إنتاج من محرك المرحلة الأولى «إن-1». بالمثل، بعد التخلي عن الصاروخ «إنرجيا» الكبير، أصبحت محركاته معروضة للبيع. كان «إنرجيا» يحتوي على أربعة صواريخ تعزيز مربوطة به، كل منها يجري تشغيله باستخدام محرك طراز «آر دي-170»، بقوة دفع 1,63 مليون رطل؛ هذا المحرك كان أقوي المحركات الصاروخية على الإطلاق، حيث كان يماثل في قوته الصاروخ «إف-1» في عصر «أبولو». تواصلت شركة «برات آند وتني» مع الشركة المصممة للصاروخ، وهي شركة «إن بي أوه إنرجوماش»، واتفقت على أن تكون ممثلتها في الولايات المتحدة.

قبل نصف قرن، كان سقوط ألمانيا النازية قد فتح كنزا من التكنولوجيا المتطورة في مجال الصواريخ، والقذائف الصاروخية، والطائرات النفاثة. قدم سقوط الشيوعية فرصة مماثلة، حيث جاءت شركتا «لوكهيد» و«مارتن» في مقدمة المستفيدين من الكنز السوفييتي مع مضيهما في تحدي «آريان» الأوروبية. كانت «آريان سبيس» قد تعاملت مع عملائها بعناية؛ فعلى حد تعبير مديرها تشارلز بيجو «تعاملت ناسا مع عملائها كما لو أنها سيد إقطاعي يستقبل فلاحين على أرضه، وكانت «آريان سبيس» تعاملهم كتاجر تجزئة.»

حازت «آريان سبيس» ولاء العملاء بتقديم شروط جذابة؛ مما أدى بذلك إلى التقليل من قيمة صواريخ «دلتا» و«أطلس» و«تايتان». كانت ناسا قد استخدمت المكوك الفضائي للتقليل من قيمة هذه الصواريخ القابلة للاستخدام مرة واحدة فقط، كذلك. حتى بعد عام 1986، عندما حظي مصمموها بحرية المنافسة، واجهوا تأجيلات طويلة في إعادة تشغيل خطوط الإنتاج. ساهمت طلبات القوات الجوية في دعم هذا الأمر بدرجة كبيرة، لكن على الصعيد التجاري، لم يكن أحد يستطيع الاقتراب من الأوروبيين؛ إذ كانت سلسلة صواريخ «آريان 4» تضرب مثلا يحتذى به. كانوا أيضا بصدد تجهيز «آريان 5»، حيث زودوه بزوج من صواريخ التعزيز ذات الوقود الصلب الكبيرة بقوة دفع كاملة لإطلاق قمرين صناعيين زنة ثلاثة أطنان إلى مدار جيوتزامني في عملية إطلاق واحدة. حظيت «آريان سبيس» بنسبة 60 في المائة من السوق التجارية، وهو ما يعادل ضعف حصة الأمريكيين.

Shafi da ba'a sani ba