Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Nau'ikan
هل ستدمج برامج الفضاء الأمريكية والروسية حاليا في مشروع واحد؟ شهدت السنوات الأخيرة بالتأكيد آفاقا جديدة من التعاون بين هذين البلدين. مع تراجع مشروعات المحطات الفضائية لكلتا الدولتين على نحو متزايد، كان من دواعي المفارقة أن سعت الدولتان إلى تعزيز المشروعات بالربط بينها. وسط حالات العجز في عملة الروبل الروسية، قدمت شركة «لوكهيد مارتن» تمويلا بالدولار الأمريكي، وشرعت في تسويق مركبة «بروتون» الروسية كمركبة إطلاق تجارية، وبدأت جهود لتطوير صاروخ طراز «أطلس-سينتاور» بمحركات روسية. وقد كان مدير ناسا، دانيال جولدن، يسعى بحماس منذ عام 1992 نحو مزيد من هذا التعاون.
جاء جولدن إلى ناسا قادما من عالم أقمار الاستطلاع الصناعية السرية بشركة «تي آر دبليو»، حيث ظل بعيدا عن الأنظار. أقر جيفري ريتشلسون، أحد المراقبين المتابعين للبرامج عن كثب، الذي ألف كتبا كثيرة حولها، قائلا: «لم أسمع عنه قط.» مع ذلك، كان جولدن منذ عام 1987 نائبا لرئيس ناسا ومديرا عاما بها. أتاحت له خلفيته حول المركبات الفضائية غير المأهولة تغيير مجريات الأمور على نحو جذري، حيث كانت خلفيته تأتي على النقيض تماما من تركيز قوي على الرحلات المأهولة تميز به قادة ناسا السابقين.
كان ريتشارد ترولي، المدير الذي حل جولدن محله، قد بدأ حياته المهنية كرائد فضاء في المختبر المداري المأهول، ثم صار رائد فضاء للمكوك الفضائي، وأدار برنامج المكوك الفضائي خلال الفترة التي تلت استعادة «تشالنجر»، ثم تولى أعلى منصب في ناسا. كان نائبه، جيمس آر طومبسون، مديرا لمركز مارشال لرحلات الفضاء، الذي كان مسئولا عن تصميم محركات المكوك الفضائي واختبارها. وكان ويليام لنوار، رئيس مكتب الرحلات الفضائية، رائد فضاء أسبق، مثلما كان روبرت كريبن، رئيس برنامج المكوك الفضائي.
اشتركوا جميعا في التزامهم بتنفيذ برامج كبيرة باهظة التكاليف، مثل المكوك الفضائي والمحطة الفضائية. أشار إليهم الكاتب جريج إيستربروك، الكاتب في «نيوزويك» و«أتلانتك مانثلي»، بأنهم يعتقدون أنه «حتى تشغيل مصباح ضوئي في الفضاء يتطلب نصف دستة رواد فضاء في عربة فضاء تكلفتها مليار دولار أمريكي». على النقيض من ذلك، كان جولدن يفضل الأساليب الآلية التي كانت تتسم بأنها سهلة وغير باهظة التكاليف؛ كان يتوقع على وجه التحديد أن يتم الاعتماد على صواريخ التعزيز القابلة للاستخدام مرة واحدة بدلا من المكوك الفضائي.
كان تحول نحو الصواريخ القابلة للاستخدام مرة واحدة قد بدأ بالفعل في أغسطس 1986، عندما أعطى ريجان إشارة البدء لبناء «إنديفور» كي تحل محل «تشالنجر». في الوقت نفسه، أصدر قرارا بألا تستخدم ناسا المكوك الفضائي لنقل حمولات تجارية يمكن نقلها على متن «دلتا» أو «أطلس» أو «تايتان». في عام 1983، وضع الرئيس سياسة جديدة تفيد بوضع هذه الصواريخ القابلة للاستخدام مرة واحدة في أيدي الشركات التجارية، بيد أن هذه المحاولة لم تسفر عن شيء وسط منافسة المكوك الفضائي المدعوم الحائز على كثير من الدعم. لكن بعد عام 1986، ظهرت الحقيقة وتكشفت الأمور.
استطاعت الصواريخ القابلة للاستخدام مرة واحدة أن تحظى بعملاء بفضل ميزاتها، ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، بل صارت تحظى بسوق معدة بحسب الطلب في مجال الحمولات المخصصة للمكوك الفضائي الذي صار الآن في حاجة إلى صواريخ لإطلاقها في مدار . في سبتمبر عام 1986، أرسلت ناسا قائمة بالمركبات المكوكية أعقبت كارثة «تشالنجر»، والتي جعلت خمسة وعشرين قمرا صناعيا خاصا بالاتصالات بصدد البحث عن بدائل. كانت لدى البنتاجون مشكلة مشابهة، حيث كان لديه مخزون يزيد عن عشرين قمرا صناعيا، والمزيد في طريقه إلى خط الإنتاج.
كان تصرف القوات الجوية في عام 1984 قد أتاح لشركة «مارتن ماريتا» تحقيق السبق في استئناف إنتاج «تايتان 3»، والمضي قدما لإنتاج نموذجه الأكثر قوة المتمثل في «تايتان 4». لم تكن شركة «ماكدونل دوجلاس» بالصاروخ «دلتا» المطور لديها وشركة «جنرال داينمكس» التي صممت الصاروخ «أطلس-سينتاور»، تتمتعان بهذه الميزة؛ إذ كان على كلتا الشركتين إعادة تشغيل خطوط الإنتاج التي توقفت تماما. لكن في يناير 1987، أرسى قائد القوات الجوية إدوارد ألدريدج عقدا على شركة «ماكدونل» بقيمة 316 مليون دولار أمريكي لسبعة صواريخ إطلاق طراز «دلتا 2» مطورة حديثا، مع إمكانية تطوير ثلاثة عشر صاروخا إضافيا. بعدها بثلاثة أشهر، أعلنت هذه الشركة أن تسعة من العملاء الذين سددوا ثمن الرحلات قد حجزوا رحلات لأقمار صناعية خاصة بالاتصالات على متن الصاروخ نفسه.
كان الصاروخ «دلتا 2» على جانب من القوة يؤهله لأن يتخطى مجال «أطلس»، بينما منحت هذه الطلبيات «ماكدونل» ميزة على «جنرال داينمكس». لكن، تمكنت «جنرال داينمكس» من رفع مستوى كفاءة صواريخ «أطلس-سينتاور» عن طريق تزويدها بمحركات «روكيت داين» المحسنة التي كانت منافستها تشتريها. في عام 1988، طلبت القوات الجوية إحدى عشرة مركبة إطلاق من هذا النوع، ضامنة بذلك أن «أطلس» سيدخل هذا العصر الجديد أيضا. مضت «جنرال داينمكس» في طرح مجموعة من نماذج «أطلس-سينتاور» من خلال أربعة نماذج أعلن مديروها أنها تستطيع أن تغطي تسعين في المائة من سوق الأقمار الصناعية التجارية. استثمر هؤلاء المسئولون التنفيذيون أيضا 300 مليون دولار أمريكي في بناء اثنين وستين صاروخا حتى عام 1997.
بالإضافة إلى أحد عشر صاروخا طراز «أطلس-سينتاور»، تضمنت طلبات القوات الجوية أيضا عشرين صاروخا طراز «دلتا 2»، وثلاثة عشر صاروخا طراز «تايتان 2»، وثلاثة وعشرين صاروخا طراز «تايتان 4». شملت الطلبيات التجارية تسعة صواريخ أخرى طراز «تايتان». ظهرت «آريان» في المشهد أيضا؛ فبدءا من يناير 1989، كان لديها طلبيات بثمان وثلاثين مركبة إطلاق. لكن، كانت ثمة مشروعات للجميع؛ إذ كان من المنتظر ابتداء من ذلك الشهر أن يجري اختيار مركبات إطلاق لنقل ثمان وخمسين حمولة تجارية.
لا شك أن مصممي الحمولات قد واجهوا حالة من هبوط الأسعار نتيجة لزيادة العرض عن الطلب، حيث إنه بحلول عام 1990 حدثت زيادة كبيرة في سعة الإطلاق. قدرت شركة «يوروكونسلت» البحثية في باريس أن سوق الأقمار الصناعية للاتصالات، وهي الفئة التجارية الرئيسية، كانت ستصل إلى حد التشبع بإجراء ما يربو على خمس عشرة عملية إطلاق سنويا. على النقيض من ذلك، أجرت «أطلس» و«تايتان» و«دلتا» و«آريان» معا أربعين عملية إطلاق سنوية، وأملت الصين أيضا في الانضمام إلى مضمار المنافسة. وبناء على ذلك، واجه الجميع ضغوطا مستمرة لعرض أقل أسعار ممكنة، ونجحت الصين - وهي وافد جديد - لبعض الوقت في الفوز في هذه المنافسة من خلال البيع بأسعار أقل.
Shafi da ba'a sani ba