Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Nau'ikan
أثبتت تريشكوفا خلال مهمتها أن تدريبها كان شاملا حقا. كانت ترسل عبارات عبر جهاز اللاسلكي بصورة متكررة تقول فيها: «تحياتي الحارة من الفضاء إلى رابطة الشباب الشيوعي اللينينية المجيدة التي احتضنتني. كل شيء جميل حدث لي أدين بالفضل فيه إلى حزبنا الشيوعي.» ظلت في الفضاء ثلاثة أيام، وهو ما أكد خروتشوف على أنه يمثل فترة أطول من جميع الرحلات الأمريكية مجتمعة، ثم هبطت إلى الأرض باستخدام الطيار الآلي لإعادة الولوج إلى الغلاف الجوي.
عادت تريشكوفا إلى موسكو في الوقت المحدد لإلقاء كلمة في اجتماع في الكرملين للمؤتمر العالمي للمرأة، ثم انطلقت في جولة حول العالم شملت الهند وباكستان فضلا عن الولايات المتحدة. عند عودتها إلى بلادها، وقع في غرامها زميلها رائد الفضاء الروسي نيكولاييف؛ فتزوجا في شهر نوفمبر، وكان زواجهما آنذاك محط اهتمام كبير في موسم المناسبات الاجتماعية الكبرى في موسكو. كانت العروس حاملا في شهرها الثاني.
في أمريكا، ساهمت رحلة تريشكوفا في تجديد مشاعر الخوف من التفوق الروسي، في ظل ثناء الكتاب والقادة السياسيين على المساواة بين الجنسين في روسيا. لكن، حسبما قال زوجها لاحقا بعد عام: «إننا الآن نبقي نساءنا على الأرض؛ فنحن نحب نساءنا كثيرا، ونتحمل عنهم قدر ما نستطيع.» كانت تريشكوفا هي المرأة الوحيدة التي سافرت فعليا عبر الفضاء، ولم تحلق أي امرأة سوفييتية أخرى في مدار فضائي حتى عام 1982. انهار زواجها، وعلى الرغم من أنها ظلت تتلقى أسمى درجات التكريم، فإن كل من يعرفها كان يقول إنها لا تزال فتاة مصنع مملة، تتصرف بخيلاء وتكلف.
على الرغم من ذلك، في مجال الرحلات الفضائية، كانت مهمتا مركبتي «فوستوك» المتماثلتين في عامي 1962 و1963 تتناقضان بشدة مع الأداء المحدود لمركبة «ميركوري». كانت كبسولة «ميركوري» تتطلب بعض التعديلات، وفي مايو 1963، نجح رائد الفضاء جوردون كوبر، من خلال زيادة احتياطيه من الأكسجين ووقود التحكم في الاتجاه، في أن يظل محلقا في اثنين وعشرين مدارا، لما يقرب من يوم ونصف يوم. لكن بعدها بشهر، خلال رحلة تريشكوفا، ظل زميلها فاليري بيكوفسكي محلقا بمركبته لمدة خمسة أيام؛ كان في هذا تكرار للقصة القديمة ذاتها؛ حيث كانت ناسا تبذل قصارى جهدها بينما تعجز عن إنجاز ما في مقدور كوروليف القيام به بسهولة.
نماذج أولية لمركبات فضائية مأهولة: مركبتا «ميركوري» و«جيميني» الأمريكيتان؛ ومركبتا «فوستوك» و«فوسخود» السوفييتيتان، كانت مركبة «فوسخود» مزودة بغرفة معادلة ضغط لاستخدامها في السير عبر الفضاء. يوضح الشكل مقياس الرسم (دان جوتييه).
بالإضافة إلى ذلك، كان ثمة مجال للتطوير في مركبة «فوستوك» أيضا. كان كوروليف يعد نموذجا جديدا يستطيع نقل رائدي فضاء بدلا من رائد فضاء واحد. أطلق على النموذج اسم «فوسخود» (أي شروق الشمس). كما كان على وشك استخدام نموذج جديد وفعال من الصاروخ «آر-7»، يشتمل على صاروخ مرحلة عليا ذي قوة دفع كبيرة. كان يطلق صواريخ «فوستوك» باستخدام صاروخ المرحلة العليا الذي طوره كوزبرج عام 1958، وجرى تطويره لمنح قوة دفع أكبر. كان كوروليف قد صمم أيضا صاروخا باليستيا عابرا للقارات جديدا تماما، وهو الصاروخ «آر-9»، الذي كان يتألف من مرحلتين. كان محرك صاروخ المرحلة الثانية في الصاروخ «آر-9» يوضع في صاروخ مرحلة عليا جديدة أعلى الصاروخ «آر-7»، لزيادة سعة حمولته من خمسة آلاف إلى سبعة آلاف كيلوجرام. أصبح الصاروخ «آر-7» المطور هذا جاهزا للخدمة، وصار الصاروخ التعزيزي الأكثر استخداما والأوسع نطاقا في المخزون السوفييتي.
لكن، لم يهنأ لخروتشوف بال؛ فلم يكن ثمة انتصارات نهائية في سباق الدعاية؛ حيث لم يكن الأمر يقتصر على تصميم مجموعة معينة من المركبات الفضائية لأداء مهمة محددة، مثل عمليات الاتصال عبر الأقمار الصناعية. كان لا بد من بذل المزيد دائما لتخطي إنجازات الأمس والتفوق عليها؛ ففي حين أن رحلة جوردون كوبر التي استغرقت 34 ساعة كانت تمثل أفضل ما كان في مقدور أمريكا القيام به في عام 1963، لم يمض إلا أقل من عام حتى كانت أول مركبة فضائية من طراز «جيميني» تدور في مدار فضائي. لم تكن هذه المركبة تحمل على متنها رواد فضاء، لكنها سرعان ما صارت جاهزة لاستضافة طاقمها المؤلف من شخصين.
بناء عليه، أصدر خروتشوف قرارا؛ إذا كان الأمريكيون على وشك إرسال شخصين في مدار فضائي في عام 1965، فسوف يفوقهم بإرسال ثلاثة أشخاص في مدار فضائي خلال عام 1964. تضمن الأمر، الذي صدر إلى كوروليف، إرسال ثلاثة من رواد الفضاء في مركبة فضائية صممت لتقل شخصين، حيث لم تكن توجد مركبة جاهزة لتنفيذ هذه المهمة سوى مركبة «فوسخود». على الرغم من أن الشخص الثالث كان سيشكل وزنا إضافيا على المركبة، فلم تكن ثمة مشكلة في ذلك؛ حيث صار لدى كوروليف آنذاك الصاروخ «آر-7» الفعال. كانت المشكلة تكمن في النجاح في ضم هؤلاء الثلاثة معا.
كان مصمم «فوستوك» الرئيسي، كونستانتين فيوكتيستوف، قد عارض تحويل «فوستوك» إلى «فوسخود»، لكن ها هو الآن يدير العمل؛ فقد نجح كوروليف في إقناعه بأن وعده أن يصبح ضمن طاقم إحدى الرحلات. اقترح فيوكتيستوف وضع ثلاثة أشخاص في مركبته المدارية التي تشبه كابينة الهاتف، وذلك بالاستغناء عن كثير من المعدات التي كانت مهمة لضمان السلامة. على حد تعبير فاسيلي ميشين، نائب كوروليف، حين قال: «كان من المستحيل وضع طاقم مكون من ثلاثة أشخاص، مرتدين ملابس الفضاء، في كابينة «فوسخود»؛ لذا، لا داعي لارتداء ملابس الفضاء! صعد الرواد إلى الفضاء دونها. كان من المستحيل أيضا تصميم ثلاثة أبواب لخروج رواد الفضاء؛ لذا وجب التخلص من أجهزة الإخراج. هل كان الأمر ينطوي على خطورة؟ بالطبع نعم، كان الأمر كما لو أنها مركبة من نوع ما ذات ثلاثة مقاعد، وفي الوقت نفسه لم تكن تشتمل على أي مقاعد. في حقيقة الأمر، كان ضربا من أعمال السيرك؛ إذ لم يكن من الممكن أن يؤدي ثلاثة أشخاص أي عمل مفيد في الفضاء؛ كل ما هنالك أنهم كانوا يجلسون في حيز ضيق للغاية، فضلا عن خطورة الطيران من الأساس.»
4
Shafi da ba'a sani ba