Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Nau'ikan
في الوقت نفسه، كان هدف الهبوط على سطح القمر هدفا يمكن إنجازه. لم يكن هذا الهدف يقبع في المستقبل البعيد، لكنه استغرق فترتين رئاسيتين فقط لتنفيذه. كان هذا المدى الزمني مهما جدا؛ إذ لم يكن كينيدي يريد الانتظار حتى عام 1975 لإنزال رواد فضاء على القمر، وهو ما كان عنصرا أساسيا في خطة ناسا التي كان آيك قد رفضها قبل خمسة أشهر فقط بسبب التكلفة. رفض كينيدي الخطة لسبب مختلف؛ إذ كان يعلم أن العامة لن يطيقوا صبرا حتى خمسة عشر عاما.
بالإضافة إلى ذلك، كان الهدف يتميز ببساطته وسهولة استيعابه. أشار فون براون إلى أن «الجميع يعرف ما هو القمر، الجميع يعرف ما هو هذا العقد، والجميع يمكنه التمييز بين رائد فضاء حي عاد من القمر وآخر لم يعد.»
أخبر جيروم ويسنر، المستشار العلمي لكينيدي، المؤرخ جون لوجسدون، قائلا: «لو كان في مقدور كينيدي التخلي عن برنامج فضائي كبير دون أن يضر قراره بمصلحة البلاد، فربما كان سيفعل. لعله كان طرازا مختلفا من الرجال، كان سيخاطب بلاده قائلا: «انظروا، سنمضي بطريقتنا. سندع الروسيين يسبقون. لا نأبه.» أعتقد أنه كان مقتنعا بأن الفضاء صار رمز القرن العشرين. اتخذ قراره بحسم بالغ. كان يعتقد أنه قرار صائب يصب في مصلحة البلاد.»
10
سار تطوير الصواريخ على غرار نمط يماثل نمط الإجراءات التنفيذية في برنامج الفضاء. كان ثمة تمييز واضح بين البرامج غير المأهولة التي يمكن استخدامها في تطبيقات عملية، وبين البرامج المأهولة الأكثر تكلفة التي تخدم أهدافا سياسية. برز تمييز مماثل بين الصواريخ المستخدمة في رحلات مأهولة، التي كانت أكبر حجما بكثير، والصواريخ العسكرية - مثل «مينتمان» و«بولاريس» - المصممة بحيث تكون صغيرة بما يتلاءم مع أحجام الصوامع والغواصات.
كانت موسكو متخلفة كثيرا في سعيها لتطوير هذه الصواريخ الصغيرة. في حقيقة الأمر، كانت لا تزال تركز جل اهتمامها على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وكانت بصدد تطوير صاروخ جديد ضخم للغاية، وهو الصاروخ «آر-16». كان هذا المشروع محل اهتمام كبير لدى مارشال ميتروفان ندلن، أحد نائبي وزير الدفاع وقائد سلاح الصواريخ الاستراتيجية؛ إذ كان يستعد لخوض حرب نووية حرارية، وعلى غرار كيرتس لوماي، لم يكن يخفي رغبته في ذلك.
كان ندلن قد أشرف على اختبار أول قنبلة هيدروجينية حقيقية في بلاده، في 22 نوفمبر 1955. أسفر انفجار القنبلة عن 1,6 ميجا طن من الآثار الانفجارية، وهو ما يزيد بمائة مرة تقريبا عن الآثار الانفجارية لقنبلة هيروشيما. في مساء ذلك اليوم، أقام ندلن مأدبة ودعا مصمم الأسلحة أندريه سخاروف إلى اقتراح النخب الأول. قال سخاروف: «لنأمل أن تنفجر كل قنابلنا بنجاح مثل القنابل التي انفجرت اليوم، لكن ليكن انفجارها دوما فوق مواقع إجراء الاختبارات، لا فوق المدن.»
لم يعجب هذا النخب ندلن، الذي أجاب بقصة معبرة: «كان ثمة رجل عجوز يصلي أمام تمثال صغير، ويدعوه قائلا: «أرشدني، اشدد من عزيمتي. أرشدني، قوني.» سمعته زوجته وهو يتلو صلاته فقالت: «تصلي كي تصبح أكثر صلابة، أيها العجوز. أستطيع الاهتداء إلى هذا الأمر بنفسي».» نظر ندلن إلى الحضور وواصل قائلا: «لنحتس نخب أن يشتد عودنا ونصير أشد بأسا.»
11
شعر سخاروف بالغضب؛ إذ كان هذا الجنرال الواسع النفوذ قد أجاب ببذاءة ومجون على وجهات نظر كان خروتشوف نفسه يتبناها. بعدها بخمس سنوات ، دفع ندلن حياته ثمنا لعدم احترام قوة الأسلحة الحديثة.
Shafi da ba'a sani ba