(قال الفقيه) رحمه الله: الفائدة في المسابقة أن القوم كانوا يحتاجون إلى الغزو فكان في المسابقة إظهار الجلاد ورياضة النفس والاستعداد لأمر القتال. وروي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ((أنه سابق مع أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فسبق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وصلى أبو بكر وثلث عمر)). ومعنى قوله صلى أبو بكر، يعني كان رأس فرسه عند صلوى فرس رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، والصلوان موضع العجز.
الباب الخامس والثلاثون بعد المائة: في نثر السكر
(قال الفقيه) رحمه الله: إذا نثر السكر في العرس أو نثر على الأمراء والعساكر. قال بعضهم: لا بأس بأن ينتهب، وقال بعضهم: لا يجوز، وقال بعضهم: يجوز في العرس ولا يجوز في نثر الأمراء. فأما من كره ذلك فاحتج بما روى حميد عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النهبة وقال: ((من انتهب فليس منا)) وروى عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد الخطمي قال: نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن المثلة والنهبة. وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان إذا نثر على الصبيان منع صبيانه عن النهب واشترى لهم مثل ذلك، وأما من قال بأنه لا بأس به فلأن صاحبه قد أباح ذلك. وروى عبد الله بن قرط قال: ((أتي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بخمس أو بست بدن فجعل البدن يزدلفن بأيهن يبدأ فنحرهن، فلما وجبت جنوبها قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كلمة لم أفهمها، فسألت من بجنبي فقال: قال من شاء فليقطع)) يعني أباح له اللحم وأذن لهم بالنهب. وروي عن الحسن وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأسا بنهب السكر في العرس. وعن الشعبي أنه قال: إنما كره من النهبة ما أخذ من غير طيبة نفس صاحبه، وأما ما أخذ بطيبة نفس صاحبه فلا بأس به. وأما من أجاز في العرس وكره في نثر الأمراء فذهب إلى ما روى خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: ((شهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ملاك شاب من الأنصار، فلما زوجوه جاءت الجواري بالأطباق عليها اللوز والسكر فأمسك القوم. قال: ألا تنتهبون؟ فقالوا: يا رسول الله إنك نهيت عن النهبة فقال تلك نهبة العساكر، وأما العرس فلا بأس به)).
(قال الفقيه): وبهذا نأخذ إذا كان النثر في العرس، أو في وليمة، أو في رجل ذبح جزورا وأباح لحمه للناس، أو قدم رجل من السفر فنثر عليه شيء فلا بأس بأن ينتهب منه، وإذا كان النثر على الأمراء مكروها فلا يجوز أن ينتهب لأن النثر عليهم بمعنى الرشوة، ألا ترى أن هدية الأمراء مكروهة وقد جاء عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((هدايا الأمراء غلول)) فكذلك النثر عليهم، وكذلك البقر إذا ذبح لأجل الأمير، فإنه يكره أخذ ذلك اللحم إلا لأهل السجن.
الباب السادس والثلاثون بعد المائة: في الهدية والمكافأة بها
Shafi 405