تعمدهم الجرائم، فعدل عن "يا أيها الذين آمنوا" إلى "يا أيها الناس " ليكون أوقع في الترتيب وأخوف وأوضح مناسبة لما ذكر.
ولما ضمنت سورة النساء قوله تعالى: "فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم
طيبات أحلت لهم " إلى قوله: "وأكلهم أموال الناس بالباطل "، أتبعت بقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"
ثم ذكر لهم ما أحل لهم وحرم عليهم ليحذروا مما وقع فيه أولئك، فعلى هذا لما ضمنت سورة الأعراف من قصصهم جملة وبين فيها اعتداءهم وبناه على اتباع الأهواء والهجوم على الأعراض طلب هؤلاء باتقاء ذلك والبعد عما يشبهه جملة، فقيل في آخر السورة (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا) .
ثم افتتحت السورة الأخرى بصرفهم عما لهم به تعلق وإليه تسبب يقيم
عذرهم شرعا فيما كان منهم، فكأن قد قيل لهم ترك هذا أسلم وأبعد عن اتباع الأهواء فسلموا في ذلك الحكم لله ورسوله، واتقوا الله، ثم تناسج السياق والتحمت الآى وقد تبين وجه اتصال الأنفال بالأعراف من وجوه والحمد لله.
سورة براءة
اتصالها بالأنفال أوضح من أن يتكلف توجيهه، حتى أن شدة المشابهة
والالتئام - مع أن الشارع ﵇ لم يكن بَيَّنَ انفصالهما - أوْجَبَ أن لا
يفصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم، وذلك أن الأنفال قد تضمنت الأمر بالقتال
1 / 220