عبد الهادي، والحافظ ابن حجر قد أحال في كتابه هذا إلى بعض كتبه، كما أحال إلى كتابه النفيس «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» وفي ذلك إشارة إلى أنَّه انتفع مما قدمه من ثروة علمية إلى أمة محمد ﷺ.
ثم لا يخفى على الباحثين الجادين وكثير من الناس ما للحافظ ابن حجر من مكانة علمية، فقد كان على قدر كبير من وفور العقل والاشتغال بما ينفعه مع الحرص الشديد على الوقت، والحفاظ على أنفاس العمر بالعمل النافع، وقد دلَّ على ذلك ما قدم للناس من عطاءٍ علميٍّ وافر، بحيث كانت كتبه لا يستغني عنها باحث.
والحافظ ابن حجر قد حباه الله بشخصية فذة جمعتْ الجد والتقى وحسن السيرة، وقد كان مثالًا للشخصية العلمية النادرة، ومن الأدلة على ذلك كتبه التي انتشرت بين أيدي الناس على جميع المعمورة، فكانت كتبه تسير في زمانه مسير الشمس، كل ذلك كان سببًا للعمل في هذا الكتاب نصحًا للأمة واحترامًا لتراثها ودفعًا لغوائل التشويه عما قدمه أفذاذها بانين بذلك عزها ومجدها، ولم يكن جهدي منصبًا على تحقيق النص، فقد جهدت في الحكم على الأحاديث، والتعليق على ما يستحق التعليق من غير اختصار ولا تطويل، وقد قدمتُ للكتاب بدراسة متوسطة دالة على سيرة الحافظ ابن حجر، ثم الكلام على منهجه في كتابه «بلوغ المرام من أدلة الأحكام» ثم النسخ الخطية مع بيان ما لها وما عليها، ثم بيان منهجي الذي سرت عليه في تحقيق الكتاب، ولم أعمل للكتاب فهارس كاشفة؛ لأنَّ الكتاب متن مختصر للحفظ.
وبعد: فهذا كتاب «بلوغ المرام من أدلة الأحكام» للحافظ ابن حجر العسقلاني أقدمه لمحبي المصطفى ﷺ السائرين على هديه الراجين شفاعته يوم القيامة. وقد خدمته الخدمة التي توازي تعلقي بسنة سيدنا النَّبيِّ ﷺ وبذلتُ فيه ما وسعني من
1 / 7