أحدها: أن يكون سليم الإسناد من المطاعن، سليم المتن من الإحتمالات، متخلصا من معارضات(1) الكتاب والسنة المعلومة؛ فإن كان على هذه الصفة عمل به ووجب ذلك ولم يجب اطراحه. قال -عليه السلام-: وعلى هذا المحصلون من علماء الإ سلام. ثم ساق الدليل على ذلك إلى أن قال: وإذا تقررت هذه الجملة فليرجع الكلام إلى بعض أحكامه(2)؛ لأن مصنف (الخارقة)(3) أنكر علينا إرسال الحديث إنكار من قطع على خطر ما سوى مذهبه ورأيه(4) وهذا خلاف أقوال أهل الفقه فإنهم وإن صوبوا أنفسهم فيما يذهبون إليه فإنهم لا يخطئون من خالفهم في رأيهم لدليل شرعي آخر اعتمده لولا ذلك لاكتفى الحنفي بالشافعي والشافعي بالحنفي في التضليل [3ب-أ] والتجهيل واستراح باقي الأمة.
فإذا كان الأمر كذالك، فلا بد أن نتكلم في الإرسال(5)، ومعنى الإرسال أن يروي الراوي الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بالإسناد الصحيح على شروطه المعتبرة -كما قدمنا- إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم. فإذا صح له ذلك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أو ذكر بعض الرواة دون بعض ميلا إلى الإختصار لبعض الأغراض؛ فمذهبنا أن ذلك يجوز ولا يعلم فيه خلاف بين العترة --عليهم السلام--[4-ب] ومن قال بقولهم وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه المتكلمين بلا خلا ف في ذلك بين من ذكرنا إلا ما يحكى عن عيسى بن إبان فإنه قال: تقبل مراسيل الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومن نزل عن درجتهم لم تقبل مراسيله إلا أن يكون إماما وخالف في ذلك الذين يتسمون بأصحاب الحديث والظاهرية وقد نسب ذلك إلى الشافعي؛ وتعليله هذه المقالة تقضبى بأنه يجيز قبول المراسيل ولكن لا على الإطلاق، وكان يقبل مراسيل سعيد بن المسيب.
Shafi 24