إلا شرب الشرابوعشق الملاح وقال في البيت الذي استعمل فيه الألفاظ الفصيحة مشيرًا إلى الفقيه بقوله:
تعرف اسما هنا يقل يقل لك لا، قلو خذ تملا
منها إذنك ملا هي هي القهوة والمدام والطلا
والحميا والخندريس والراح
فهذه ست لفظات في أسماء الخمر لم يغتفر لابن قزمان استعمالها في الزجل مع أنه لم يدخل عليها حركة إعراب، وإنما قالوا: هذه لغة العرب العرباء وقد تقدم أن تحريك لفظة هي أقبح العيوب. وعابوا عليه في بعض أزجاله الشحنا، وقالوا: هذه لفظة فصيحة لم ينطق بها غير الفصحاء ومعناها: العداوة. وعابوا عليه أيضًا قوله في مطلع زجل، وهو:
نظر بأهداب عينو وعبس ... فرج لعمري كربة وأنس
وقالوا: لفظة لعمري مختصة بالعرب وهي قسم لهم معناها: وحياتك، إن كانت للمخاطب، وللمتكلم: وحياتي، وقد فسر المفسرون قوله تعالى للنبي ﵇ " لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون " أي: وحياتك.
وعابوا عليه أيضًا في بعض أزجاله استعمال لفظة الزرد.
وعابوا عليه استعمال لفظه مرحبا في بعض مطالع أزجاله، وقالوا لفظة مرحبًا وأهلًا وسهلًا بإجماع سائر النحاة ألفاظ عربية، وهي منصوبة أبدًا بتقدير فعل محذوف تقديره أتيت أهلًا ولقيت سهلًا وصادفت مرحبًا وما أشبه ذلك، وأول من قالها سيف بن ذي يزن ملك العرب، قالها لعبد المطلب جد النبي ﷺ حين بشره بنبوة محمد ﷺ في عام ولادته، وأسلم على يده لما وفد عليه ثم تداولها العرب بعده.
وذكر الشيخ صفي الدين الحلي في كتابه المسمى بالعاطل الحالي والمرخص الغالي أن الأستاذ شهاب الدين أحمد الأمشاطي عابها على الحاج علي ابن مقاتل إمام هذا الفن - أعني فن الزجل - حيث قال في بعض مطالعه:
جا الرسول مرحبًا أهلًا ... بمجيه وألف سهلًا
وعاب عليه في موضع آخر لفظة ألما وأغيد فقال في آخر زجله:
دوني من ليس فعلو يحمد ... في الزجل ما يصلح أفسد
ونظم ألما واغيد ... ونصب أهلًا وسهلًا
وهذه اللفظات الأربع قد استعملها ابن قزمان وأثبتها في ديوانه ووقفت عليها.
ومما سامحوا في استعماله من هذه الألفاظ الفصيحة اللغوية لفظة الغ.
فإنهم عابوها على أحد أئمة هذا الفن. وهو محمد بن حسون لما أوردها في بعض مطالعه وهو:
ارفع قطيعك وطيب وتملاّ ... والغ عمن ولى
وقالوا هذا لفظة عربية خالصة.
ومن الممنوعات عند علماء هذا الفن إعراب الألفاظ بالحروف أو بالحركات، أما من الإعراب بالحروف، فكقول بن قزمان:
أنا حدو على الشراب وانفيه ... ولا تقبل من جا يسألك فيه
هذا ريح الشراب يفوح من فيه ... الله قد أوقعوا بجرمو لنا
فقد أعرب في هذا البيت لفظة فيه بالياء، وهذا حكمها لأنها من الأمثلة الستة التي رفعها بالواو ونصبها بالألف وجرها بالياء، وهذا أفحش من الإعراب بالحركات.
وللأستاذ أبي عبد الله محمد بن حسون في بعض مطالعه:
مع الذي قطع قلبي هواه ... فم صغير يفتن لمن يراه
لو كان معو خاتمًا يحاكي فاه ... من صغر ولم يقدر يختمو
فقد أعرب فاه بالألف في حالة النصب وهذا حكمها.
وأما الإعراب بالحركات فكثير، وأزجالهم مشحونة منه، وقد جمع ابن حسون بين الإعراب بالحروف والحركات في لغطة فاه ولغطه فم في مطلعه.
ومن العيوب القبيحة عندهم فتح كاف الخطاب، واستعمال أدوات النحو المختصة كالسين وسوف اللتين هما في ظروف الزمان، وكاف التشبيه، وإذ، وثم، وهمزة القطع إذا كان ما قبلها محركًا بحركة إعراب كقولهم:
إن كنت اخطيت في عشقك بيني ... استغفر الله مما جرى مني
وكقول صفي الدين الحلي في بعض أزجاله:
ريت حبيبي في الرياض يمرح ... بين أقرانو وأترابو
فلو لم يحرك النون أخطأ الوزن.
وأما السين فكقول ابن قزمان:
صبي نعشق من السوق ... إن خطر بيك ستدريه
وأما سوف فكقول ابن الحسين بن عمير في بعض مطالعه:
جهدي نصبر على حبيب قلبي ... حن ظلمي وجار
سوف يرى ما يلاقي من ظلمي ... عند نبت العذار
1 / 6