اللصوص مالك، فقد بلغت لك ما لم يبلغه أب بار، ولا أم رؤوم.
وسألت أن أكتب لك علّة «خبّاب» «١» في نفي الغيرة، وأن بذل الزوجة داخل في باب المؤاساة والأثرة؛ وأن فرج الأمة في العارية، كحكم الخدمة؛ وأن الزوجة في كثير من معانيها كالأمّة، وأنّ الأمة مال كالذهب والفضة، وأن الرجل أحقّ ببنته من الغريب، وأولى بأخته من البعيد؛ وأن البعيد أحقّ بالغيرة، والقريب أولى بالأنفة، وأنّ الإستزادة في النسل كالإستزادة في الحرث، إلا أن العادة هي التي أوحشت منه، والديانة هي التي حرّمته، ولأن الناس يتزيّدون أيضا في استعظامه، وينتحلون أكثر مما عندهم في استشناعه.
وعلّة «الجهجاه» «٢» في تحسين الكذب في مواضع، وفي تقبيح الصدق في مواضع، وفي إلحاق الكذب بمرتبة الصدق، وفي حطّ الصدق الى موضع الكذب. وأن الناس يظلمون الكذب بتناسي مناقبه «٣»، وتذكّر مثالبه «٤»، ويحابون «٥» الصدق بتذكّر منافعه، وبتناسي مضارّه.
وأنهم لو وازنوا بين مرافقهما، وعدّلوا بين خصالهما، لّما فرّقوا بينهما هذا التفريق، ولما رأوهما بهذه العيون.
ومذهب «صحصح» «٦» في تفضيل النسيان على كثير من الذكر، وأن الغباء، في الجملة، أنفع من الفطنة، في الجملة، وأنّ عيش البهائم أحسن موقعا من النفوس، من عيش العقلاء؛ وأنك لو أسمنت بهيمة، ورجلا ذا مروءة، أو امرأة ذات عقل وهمّة، وأخرى ذات غباء وغفلة،
1 / 20