يحصل بالقليل مما جاد به أضعاف ما بخل به، كان ذلك عتيدا «١»، ويسيرا موجودا.
وقلت: ولا بدّ من أن تعرفني الهنات «٢» التي نمت على المتكلفين «٣»، ودلّت على حقائق المتموهّين، وهتكت عزّ أستار الأدعياء، وفرّقت بين الحقيقة والرياء، وفصلت بين المقهور المنزجر «٤»، والمطبوع المبتهل «٥»، لتقف، كما زعمت، عندها، ولتعرض نفسك عليها ولتتوهّم مواقعها وعواقبها.
فإن نبّهك التصفّح بها على عيب قد أغفلته، عرفت مكانه فاجتنبته، فإن كان عتيدا ظاهرا معروفا عندك، نظرت؛ فإن كان احتمالك فاضلا على بخلك دمت على إطعامهم، وعلى اكتساب المحبة بمؤاكلتهم؛ وإن كان اكتراثك غامر الإجتهاد، سترت نفسك وانفردت بطيّب زادك، ودخلت مع الغمار «٦» وعشت عيش المستورين. وإن كانت الحروب بينك وبين طباعك سجالا، وكانت أسبابكما أمثالا وأشكالا، أجبت الحزم الى ترك التعرّض، وأجبت الإحتياط إلى رفض التكلّف، ورأيت أنّ من حصّل السلامة من الذمّ، فقد غنم؛ وأنّ من آثر «٧» الثقة على التغرير، فقد حزم.
وذكرت أنك الى معرفة هذا الباب أحوج، وأنّ ذا المروءة الى هذا العلم أفقر؛ وإني إن حصّنت من الذمّ عرضك، بعد أن حصّنت من
1 / 19