وقال في مثل ذلك ?رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي....? إلى قوله: ?في عبادك الصالحين? فنسأل الله التوفيق بشكر نعمه بالعمل الصالح والإنتهاء عن معاصيه ، وهذا فبين والحمد لله.
ثم قال عزوجل: ?هذا من فضل ربي ليبلوني ءأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم? فاعترف بنعم الله عليه, ووصف بأن الله ابتلاه, ليعلم شكره عليها بطاعته, أو كفره إياها بمعاصيه، وقال سبحانه في العنكبوت: ?أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون? وهذا في القرآن بين كثير ، وفي اللغة العربية، ولايخفى عمن عرف اللغة العربية، فمن قلة معرفتها أتي أهل العلم ، والحمد لله أولا وآخرا.
واعلم هداك الله: أن الشيطان اللعين الرجيم ، لم يكن كفره بجحد منه لربه، ولاعدل به سواه، وإنما كان كفره وجحده من طريق ترك طاعته ، وأمره إياه بالسجود ، واستكباره على آدم لا على ربه إذ قال:?أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين? فكل عاص لربه كافر كإبليس ، وإن أكثر الناس الآن ليأتون من الإستكبار الذي كفر الله به ابليس ، وأخرجه من الجنة ولعنه بأكثر مما جاء به ابليس ، ولايرون عليهم في ذلك شيئا ولايعظم لديهم ، فيقول أحدهم للآخر: أتكلمني وتساويني في المجلس والقول ، وأنا ابن فلان القائد, أوابن فلان الملك الجبار المعاند ، أو ابن فلان المؤسر الغني ، وأنت ابن فلان الفقير المسكين ، أوابن فلان المؤمن الصانع بيده المكتسب ببدنه ، وماأشبه ذلك ، ولاتراهم يفخرون بأب كان نبيئا ولاورعا ولابرا ولاتقيا ، ولامؤمنا رضيا زكيا ، ولابأنهم في أنفسهم صالحون ولربهم مرضون مطيعون ، ولمعاصيه مجتنبون ومنها حذرون ، وهذا أكبر من استكبار الشيطان أومثله.
Shafi 28