وثقل الموقف على كل من يرى ...
الأمير ضيق النفس، ولكنه لا يستطيع في مجلسه حراكا.
والشيخ يريد أن يمضي إلى خلوة يتحدث فيها إلى الفتى حديثا ما.
والفتى مشوق إلى حديث الشيخ، ولكن شفتيه قد انطبقتا، وجف لعابه فلا يستطيع لسانه أن يلفظ حرفا ...
والعربيان الأسيران قد نال منهما الجهد، واشتغال الفكر واللهفة إلى علم جديد عن أهل وبلد لم يرياهما منذ سنين طويلة، ولم يسمعا عن أنبائهما ...
وأذن الأمير للمجلس أن ينفض ليخلو إلى نفسه ساعة ...
وسيق العربيان إلى بعض مضارب الجند ليصيبا شيئا من الراحة ...
وتبع عتيبة البطريق ذاهلا، لا يكاد يحس أن رجليه تمسان الأرض!
ورغب الشيخ إلى الفتى أن ينزل عليه ضيفا في أبيدوس يوما أو أياما، اعترافا بجميله، فأجاب الفتى دعوته ...
وتنبه عتيبة بعد غفلة إلى أن الجوهرة والقلادة ما تزالان في يده، فرفعهما إلى عينيه كرة أخرى يتملاهما، وكانا في الطريق إلى أبيدوس، وبصر البطريق بالجوهرة والقلادة في يد الفتى، فندت من بين شفتيه صيحة، وارتاع الفتى حين رأى الشيخ يطبق عليه، وأصابعه تتقبض في لحمه، وهو يقول في مثل صوت المحتضر: ذاك والله أنت يا بني، وتلك ابنتي!
Shafi da ba'a sani ba