ثم لم يلبث أن لزم فراشه ودب إليه الموت.
وكان عهده - بعد ولده أيوب - إلى ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مروان ... •••
وقال الخليفة عمر، وقد جلس في ديوانه: ردوا على الشام هذه الفلول المبعثرة في البر والبحر من جيش مسلمة، إن لتلك المدينة موعدا لم يحن بعد، وإني لأخاف أن يأتي الجوع والبرد عليهم جميعا فتكون جريرتها على رأس عمر!
وخب البريد إلى مسلمة بالنبأ، وسيقت إليه الركائب في البر والبحر؛ لتحمل من معه إلى الشام.
الفصل الثامن عشر
على حافة الموت
- أكذلك تكون عاقبتها؟
قالها مسلمة وأطرق، وقد امتلأ قلبه غما وحقدا ومرارة؛ أما الغم فلهذه العاقبة التي انتهت إليها الغزوة العظمى التي كان يهيئ لها منذ سنين؛ ليبلغ شأنا لم يبلغ مثله واحد من بني عبد الملك، وأما الحقد فعلى هؤلاء الروم وقيصرهم ذاك الخسيس الذي أذله بالمكر والخديعة، وخذله حين أمن له، ووثق من مودته، وأما المرارة فلأنه ابن امرأة من هذه الروم الغادرة التي لا تحفظ عهدا، ولا تفي بذمة ... لو كان له أن ينتسب إلى أم غيرها لأنكر أنها أمه، تلك التي باعدت بينه وبين العرش شابا، وحطمت تاج العز على رأسه كهلا ، وتوشك أن تجعل حديثه في هذه الغزاة سخرية الساخرين حتى يبلغ سن الموت.
ومد يدا إلى جيبه فأخرج جوهرة وقلادة، فتملاهما طويلا ثم قذفهما إلى البحر، وهو يقول وقد غلبه الدمع: تميمة لم تحفظها صبية من السباء، ولم تحرز ولدها كبيرا من الهزيمة!
ثم أطبق راحتيه على وجهه وبكى.
Shafi da ba'a sani ba