بعض هذه من بعض إذا احتاجت إلى إقامة الوزن. فإذا حملت الشاة فهي حامل، والبقرة كذلك. والفرس عقوق، وكذلك الرمكة. والأتان جامع، وبغلة جامع، وكلبة مجح، وكذلك السباع» .
*** وفي الكتاب ناحية رابعة هي الناحية الأدبية. وتتمثل هذه الناحية بالخبر ورواية الشعر والفكاهة والطبع والأسلوب المميز ويسوق الجاحظ في «كتاب البغال» مجموعة ضخمة من أخبار البغل تبين منافعه وخصائصة المميزة عن سائر الحيوانات. والخبر ضرب من القصة القصيرة، ينطوي على ما تنطوي عليه القصة من تسلسل أحداث، ومكان وزمان معنيين، وأبطال يضطربون في تلك الأحداث، وفكرة يبغي المخبر الإفصاح عنها. إن البطل الرئيسي في معظم الأخبار هو البغل، والفكرة التي يريد الجاحظ إيضاحها طباع البغل وظاهرة الخلق المركب، والبيئة التي تجري فيها الأحداث هي عصر الجاحظ والعصور الإسلامية السابقة.
وإذا كان الخبر قليل الحدوث أو طريفا سمي نادرة. وإذا أثار الضحك دعي فكاهة. وكان الجاحظ مولعا بهذا النوع من الفن، بل كان من طباعه، لا ينفك عنه حتى أثناء معالجته الموضوعات العلمية أو الفكرية الرصينة. وقد برر مزجة الجد بالهزل برغبته في الترويح عن نفس القارىء وطرد الملل عنه. وفي كتاب البغال يورد طائفة من النوادر المضحكة المتعلقة بالبغل. منها نادرة اللحياني الذي قيل له: علمت أن برذون صاحب الحبس نفق؟ قال: وألهفاه! أكنت أرجو أن يكسد فيخسر، فإذا هو قد باع وربح. فظن أن قوله: قد نفق من نفاق السلعة؟ ومنها نادرة نميلة بن عكاشة النميري الذي كان متكايسا،
1 / 13