وفي كتاب «البغال» تستوقفنا ناحية أخرى هي الناحية اللغوية. وهذه الناحية نجدها في كثير من مؤلفات الجاحظ ولا سيما في «البيان والتبيين» و«الحيوان» . وهو يحاول ثمة أن يضع أساس فلسفة اللغة.
أما هنا فيقتصر عمله على وضع مادة معجمية أو فقه لغوية. فهو يورد مشتقات اسم البغل ويقول: «ومما اشتق من اسم البغل الدرهم البغلي، وفي بني تغلب رأس البغل، وهو رئيس من رؤوسهم، وهو الذي كان إبراهيم بن هاني الخليع نسب إليه. وإذا كان الإنسان عظيم الرأس لقبوه رأس البغل. والبغلات: جوار من رقيق مصر، نتاج ما بين الصقالية وجنس آخر، والواحدة منهن يقال لها بغلة، ولهن أبدان ووثارة وحدارة. قالوا: وإذا عظمت المرأة، وعظم بطنها، قالوا ما هي إرّ بغلة، وما رأس فلان إلّا رأس بغل، وما أيره إلّا أير بغل، وما خلقه إلّا من أخلاق البغال ... ومن سير الإبل سير يسمى التبغيل ...
والبغيلة اسم ناقة كانت لجميل بن معمر» .
وفي الكتاب نقع على شيء من فقه اللغة يعتبر الجاحظ رائدا فيه لمن جاء بعده كابن فارس وابن جني والزمخشري. فهو مثلا يذكر الأسماء التي تتعلق بالجنس عند الحيوانات والإنسان فيقول: «ويقال لأير الإنسان: ذكر، وأير. وجردان الحمار والبغل وغرمولهما والجمع جرادين وغراميل. ويقال نضي الفرس ومقلم البعير ... ويقال قضيب التيس، وقضيب الثور، وعقدة الكلب. وتقول العرب:
صرفت البقرة فهي صارف، وسوست البغلة. ويقال: هي امرأة هذمى، وغلمة، وقال أكثر العلماء: ما يقال مغتلمة. وشاة حرمى، وناقة ضبعة، وضرس وحريق، وكلبة مجعل. ويقال: حر المرأة، والفرج، وطبية الفرس، وكذلك من الحافر، وحياء الشاة وكذلك من الخف كله؛ وثفر الكلبة، وكذلك من السباع كلها، وتستعير الشعراء
1 / 12