تقول: من قال لي زانية فهي زانية، من قال لي لصّة فهي لصة، من قال لي قوّادة فهي قوادة. هاتي الآن رحى لك!.
وأخبرني أبو الزّبير كاتب محمد بن حسّان-، قال: وقف الهيثم بن مطهّر الفأفاء على باب الخيزران «١» ينتظر رجلا يخرج من عندها، فبعث إليه عمر الكلوذانيّ: قد نهينا أن نجعل ظهور دوابّنا مجالس، فانزل عن ظهر دابّتك؛ فالأرض أحمل لثقلك. فقال للرسول: إني أنتظر رجلا قد حان خروجه، فبعث إليه: أن أنزل عن دابتك، فإذا خرج صاحبك فاركب والحق به. فقال للرسول: أعلمه أنّي أعرج، وأنا مع هذا رجل مثقل باللحم، ولا آمن أن يسبقني الرجل سبقا بعيدا، فلا ألحقه. فردّ الرسول، فقال: يقول لك: إن أنت نزلت، وإلّا أنزلناك صاغرا. فقال الهيثم: قل له: إن كنت إنّما تنظر للبغل، فهو حبيس في سبيل الله؛ إن أنزلتني عنه، إن أقضمته حبّة شعير شهرا، فسله الآن: أيّما أحبّ إليه: ركوبي له ساعة، أو حرمان الشعير شهرا! فلما جاءته الرسالة قال: ويلكم! هذا شيطان! دعوه في لعنة الله.
قال: ونظر إليه جعفر والفضل ابنا يحيى «٢»، وهو واقف في ظلّ قصر من قصور الشّمّاسيّة «٣»، فنظرا إلى شيخ عجيب الخلقة، وإذا تحته بغل أعجف، يكاد يسقط هزالا وضعفا؛ فقالا له: يا شيخ، لولا تعالج
1 / 38