Bayrut da Lubnan tun shekara dari da rabi
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
Nau'ikan
وعندما تتدفق المياه من نبعها، يجري نهر اللبن بسرعة هائلة في مجريين يرويان عدة أماكن، ثم يلقيان أخيرا عصا الترحال في نهر الكلب ونهر بيروت.
ويزعم الأهلون أن صخرة كالرحى سقطت في هذا الينبوع فحالت قوة تدافع مياهه دون وصولها إلى قعره. ويزعمون أيضا أن تلك الصخرة لا تزال ترى حيث وقفت.
إن أبناء لبنان يزورون فقرا أحيانا، ولا يدفعهم إلى تلك الزيارة إلا نهر اللبن ومياهه العذبة. أما رؤية الآثار القديمة فلا تهم العرب مطلقا؛ فالأنقاض تبعث فيهم الهلع لأنها ليست سوى أنقاض الأبنية الدارسة.
أراد شيخان أن يولياني شرفا بمرافقتهما إياي في رحلتي الثانية، فتزودا بما يستطيبانه ويستسيغه ذوقهما، وعلى الأخص بزق من الخمر. وحوالي الساعة العاشرة أخذ الجوع يحرك أمعاء الشيخين، وبينما كنت أخشى - وقد عيل صبري - أن يفوتني النور الكافي فلا أتمكن من قراءة مخطوطة استنفدت جميع قواي، أنذرني هذان الجائعان بأن وقت الغداء قد حان، ولهذه الغاية ذبحا الجدي الذي اصطحباه، حتى إذا ما شرعا بتقطيع اللحم ليشوى على النار، أخذا يفتحان قابليتهما بقلب الحيوان وكبده السخنين، بعد أن مهدا لهما الطريق ونضحاهما بكئوس مليئة من الخمرة الذهبية، وهي أقوى الخمور اللبنانية وأشدها بطشا بالشاربين.
تركنا هذين المولعين بالخمرة يتلذذان كما يشتهيان، وما مشتهاهما غير أسلوب نحن نراه أكثر ما يكون انحطاطا في الذوق. ولكيلا نظهر لهما أننا فقدنا تماما القابلية لدى رؤيتنا ما يستعملانه من أساليب استحضرنا زادنا وتناولنا طعامنا وإياهما بألفة معتادة. إن هذين البطلين تمكنا من أكل الجدي وشرب زق الخمر كله دون أن يذوقا مياه النبع الشهيرة التي ظننت أنهما سيطلبان منها المساعدة.
ولدى عودتي إلى فقرا طفت في الحقول الواقعة للجهة الجنوبية، والتي تحوي كمية كبيرة من أنقاض تدل - ولا شك - على أنها معالم مدينة قديمة نجهل اسمها حتى يومنا هذا.
إننا نجد بين هذه الأنقاض هيكلا صغيرا في طرفه حجرة تقوم المدافن عن يمينها وشمالها، كما نرى ديماسين نالا قسطا وافرا من العناية، وهما محفوران في الصخرة.
وعلى صخرة تقع في الجبل القائم تجاه فقرا، على بعد مسافة نصف فرسخ منها، وجدت هذه الحروف الثلاثة المحفورة بصورة غليظة
T E B . إن أول هذه الحروف بحجم خمسة وعشرين سنتيمترا، والاثنين الأخرين بحجم ستة وثلاثين سنتيمترا، وهي تعلو عن الأرض مترين ونصف المتر.
ولدى عودتنا إلى دير النياح رأينا ناووسا غير بعيد عنه، تزينه عدة نقوش. أما على جنباته فقد كانت محفورة رسوم تروس.
Shafi da ba'a sani ba