91

Bayrut na kuka da dare

بيروت البكاء ليلا

Nau'ikan

صرخ أحد المقاتلين الجرحى دفعة واحدة على صوته من خلفهم: تعالوا.

وبدا كما لو كان يهب لتوه من نومه، أو يجاهد في أن يهب واقفا باحثا عن سلاحه: خونة.

انسلت هي من بينهم منزلة من جديد قناعها على وجهها جارية إليه مسندة مهدئة، معبرة بذراعيها المفتوحتين، وصدرها الرحب العريض، وإيماءاتها بكاملها، خاصة تللك الابتسامة الحانية التي كانت تفتق الخباء أو القناع عن وجهها.

أخذته في صدرها ضامة معيدة رأسه المقاتل الشبل على نهديها الحانيين إلى وسادته؛ ليعاود النوم من فوره كمثل طفل بين ذراعي أمه: بيتقدموا صوبنا.

صرخ العريض بدوره مهتاجا وهو يتراجع عن الشرفة المطلة على التلال القريبة، كان المساء قد بدأ يحط جاثما: العدو يزحف ... يقترب.

سمعت الطلقات المدوية تجيء من كل الاتجاهات الأربعة المسورة للمخيم فترة.

وبدا الترقب الشديد على وجوه الجرحى والمصابين الذين قاموا جميعهم عن مضاجعهم في تحفز، بل إن البعض منهم تحامل ممسكا بسلاحه.

انفتح الباب على مصراعيه؛ حيث قدم أهالي المصابين وذووهم، فلم يعرف من يحتمي بالآخر، سوى أن الأمهات قاربت أكثر أبنائهن وبناتهن. - مهرب ... مغيث.

النيران القريبة تواصل حصارها حيث تساقطت المباني، وارتفعت الحرائق، والتهب الجو بكامله، فتحول الفراغ إلى كتلة متوهجة من نار تسد كل منفذ وأفق.

قاربته أكثر وهو يتداخل في الأجساد المندفعة التي راحت تتقارب وتتلاصق، حتى إن الجرحى قاموا بدورهم عن سرائرهم ، وتلاصقت الأجساد أكثر فأكثر، إلى أن أصبحت كتلة واحدة قابلة على الدوام للاستزادة بقدوم بقية المرضى والممرضين والأطباء.

Shafi da ba'a sani ba