الشهداء.
لعلهم الحقيقة الوحيدة فيما يحدث.
فالجميع كانوا قد هاجروا فرارا، وظلت المدينة تواصل طردها السكاني في اتجاه الضمور والفناء وغياب الحركة، بالإضافة إلى الحرمان من الماء والضوء والدواء.
الليل موحش، والعمليات لا تنتهي.
ويبدو الأمر كمثل ذلك الملازم دوما للطرد.
فلول التاكسيات والشاحنات لا يتوقف لها هدير محملة بالمهاجرين وأشلاء بيوتهم التي كانت.
وعادة ما تقع مثل هذه الرحلات من بيروت إلى الجبل أو شمالا، مع الفجر، بسبب الفزع ولا شيء سواه، يا لها من لحظة أليمة، تلك المصاحبة للغياب، وهذه البيوت وصور الجدران وذكرياتها!
صحيح أنه لم يعانها كما يحدث للآخرين.
فهو حتى لم يأخذ حقيبة يد لمسافر أو مهاجر؟ لم يأخذ من شقته حتى ملابسه الداخلية، ترك كل شيء كما هو عقب تهدم بعض أجزاء البناية التي فيها يقيم ، وعنها نزح معظم سكانها.
قال: الأمر لا يستحق.
Shafi da ba'a sani ba