فلوت خديجة بوزها قائلة: الناس لا ترى إلا العيوب. - هذا صحيح بالقياس إلى من على شاكلتك من الناس، ولكن ليس كل الناس على شاكلتك والحمد لله. - سوف أجيبك حين أفرغ لك!
فربتت الأخرى على خاصرتها وهي تسوي الفستان قائلة: ولا تنسي هذا الجسم البض الممتلئ ... يا له من جسم!
فضحكت خديجة في سرور وقالت: لو كان العريس أعمى ما عملت حسابا لشيء ... وإني أرضى به في تلك الحال، ولو كان شيخا من شيوخ الأزهر. - وماذا يعيب شيوخ الأزهر! ... أليس منهم من خيراته كالبحر؟!
ولما فرغتا من الفستان ندت عن عائشة نغمة تأفف فسألتها خديجة: ماذا بك؟
فقالت بتذمر: ليس في بيتنا كله نقطة بودرة أو كحل أو أحمر كأن ليس به نساء! - من الأفضل أن تبلغي هذا الاحتجاج لوالدنا. - أليست نينة سيدة ومن حقها أن تتزين؟ - إنها جميلة هكذا بلا زينة! - وحضرتك؟ هل تلقين الزائرات هكذا؟
فقالت خديجة ضاحكة: أرسلت كمال إلى مريم ليعود بالبودرة والكحل والأحمر، وهل وجهي وجه أقابل به الخاطبات عاطلا؟!
ولما كان الوقت لا يحتمل تبديد دقيقة بلا عمل، فقد نزعت خديجة منديل رأسها وأخذت تحل ضفيرتيها الغليظتين الطويلتين، على حين جاءت عائشة بالمشط وراحت تمشط شعرها المسترسل وهي تقول: يا له من شعر سبط طويل ... ما رأيك؟ سأجدله في ضفيرة واحدة، ألا يكون ذلك أروع؟ - بل ضفيرتين ... ولكن خبريني هل أبقي الجراب في قدمي أو أدخل عليهن عارية الساقين؟ - إن الوقت شتاء يستوجب لبس الجراب، ولكني أخشى إذا أبقيته أن يحسبن بساقك أو قدميك عيبا تتعمدين إخفاءه! - صدقت، إن المحكمة أرحم من الحجرة التي تنتظرني الآن. - قوي قلبك، ربنا يوعدنا.
وهنا دخل الحجرة كمال مسرعا وهو يلهث، فقدم إلى أخته أدوات الزينة وهو يقول: قطعت السلم والطريق جريا.
فقالت له خديجة باسمة: عفارم، عفارم ... ماذا قالت لك مريم؟ - سألتني هل عندنا ضيوف؟ ... ومن هن؟ فأجبتها بأني لا أدري ... فتجلت في عيني خديجة نظرة اهتمام وهي تسأله: وهل قنعت بهذه الإجابة؟ - حلفتني بالحسين أن أصرح لها بما عندي، فحلفت لها بأنه ليس عندي غير ما قلت.
فضحكت عائشة قائلة ويداها لا تكفان عن العمل: ستخمن ما هنالك.
Shafi da ba'a sani ba