واختلفوا فيمن نسي العشاء فأوتر ثم صلى العشاء، فقال سفيان الثوري والنعمان: لا يعيد الوتر، وقال مالك ويعقوب ومحمد: يعيد، قال أبو بكر: يعيد استحبابا ما دام في الليل.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في قول أصحابنا ما يشبه معنى الاتفاق أن وقت الوتر بين صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر، وأنه لا يسع تركه لبعد غير نسيان، ولا نوم إلا من عذر أو من نسيان أو ما يشبه ذلك من العذر في ترك صلاته لعذر حتى يطلع الفجر، كسائر الصلوات الفائتات مع الحاضرات، وقد اختلف في ذلك، وقد مضى معنى الاختلاف في مثل هذا، ولعل أوسط ما قيل: إنه يصلي الوتر ما لم يخف فوت صلاة الفجر، فإن خاف الفوت صلى الحاضرة، وكذلك يعجبني، ولو تركه لذلك متعمدا أو لمعنى جهالة، ففي بعض قول أصحابنا عليه ما على من ترك الفرائض من لزوم الكفارة، ومنهم من لا يرى عليه الكفارة، ومعاني الاتفاق يوجب عليه الإثم في قولهم بما يشبه معنى الكبير، وإذا لم يصله لعذر أو لغير عذر فلابد من صلاته وإعادته مع التوبة من تركه بغير عذر، كان ذلك قبل صلاة الفجر أو بعدها، أو بعد طلوع الشمس أو بعد ذلك، ولا يخرج في قول أصحابنا ترخيص في تركه، والاختلاف فيه إلى بعد الفجر، وإن صح فهو الذي رواه، فلعل ذلك عن نوم أو نسيان، وأصح القول ما حكاه إنه منذ صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر، فأما إذا نسي حتى أوتر قبل العشاء الآخرة في وقتها قبل انقضاء وقتها فلا أعلم يخرج في قول أصحابنا /10/ إن وتره يقع على حال، وعليه إعادته لمعنى قولهم في الوقت أو غير الوقت، وأما إن صلى قبل صلاة العشاء الآخرة -لعله بعد فوات وقتها- وهو ذهاب نصف الليل، فمعي أنه يختلف في ذلك فيخرج في بعض قولهم: إنه جائز؛ لأنه قد صلى في وقته، وقد فات وقتها هي، فصارت بدلا عليه، وفي بعض قولهم: إنه لا يقع على حال، ويعجبني القول الأول إذا وقع في وقته، وكانت هي بدلا إذا انقضى وقتها.
Shafi 43