فكل هذه النصوص التي ذكرناها من هؤلاء العلماء تشهد أن النزاع بيننا وبين مخالفينا في هذه المسألة محله في إثبات الحكمة لله في أفعاله وأحكامه التي يتعلق بفاعلها الذم والعقاب والمدح والثواب.
قال السيد محمد بن إبراهيم: وسبب وقوع الخلاف في ذلك أن قوما ممن أثبت الحكمة غلوا في ذلك وأوجبوا معرفة العقول للحكمة بعينها على جهة التفصيل، فرد عليهم طائفة من الأشعرية وغلوا في الرد وأرادوا حسم مواد الاعتراض بنفي التحسين العقلي، واستلزم ذلك نفي الحكمة فتجاوزوا الحد في الرد، ووقعوا في أبعد مما ردوه.
قلت: والذي عليه من أئمة أهل البيت عليهم السلام وسائر العدلية وهو الحق إثبات الحكمة لله تعالى سواء أدرك العقل ذلك أم لم يدركه، قال تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} وقد قال القاسم بن إبراهيم عليه السلام في جواب الملحد: واعلم أنه لو لم يعرف علل ذلك كان جائرا وذلك أنه في بدء الأمر إذا أقمت الدلالة على أنه حكيم في نفسه وفعله، ثم دللت على أن الكل حكمة استغنيت عن معرفة علله.
Shafi 9