والحمد لله الذي أكمل لنا ديننا وأتمّ علينا نعمته ورضي لنا الإسلام دينًا والحمد لله الذي بيّن لنا آياته ونهانا أن نتخذها هزوءًا(١) وأمرنا أن نذكر نعمته علينا وما أنزل علينا من الكتاب والحكمة يعظنا به وأن نتقيه وأن نعلم أنه بكل شيء عليم(٢) فإنه من تدبر هذه الأوامر تبيّن له أنّ فيها جماع/ (أمر)(٣) الدين كله وعلم أنّ هو بكل شيء عليم لا يخفى عليه الذين يلحدون في آياته ولا الذين يتخذونها هزوءًا ولا يخفى عليه من أظهر خلاف ما في باطنه فإنّ السراير لديه بادية والسرّ عنده علانية فله الحمد كما يحبه ويرضاه وكما ينبغي لكرم وجهه وعزّ جلاله أحمده(٤)
= الأفضل على غيرها لا يحصل إلا بأمرين :- الأول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والثاني الإيمان بالله عز وجل فإن وجد هذان الأمران كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس وإلا لم يكن لها فضل على غيرها لما تقرر أن الحكم المعلق على وصف يوجد بوجوده وينعدم بعدمه.
(١) هذا المعنى الذي أشار إليه المصنف أدلته كثيرة في كتاب الله ومن ذلك.
(أ) قوله تعالى: ﴿ولا تتخذوا آيات الله هزوا﴾ البقرة (٢٣١).
(ب) قوله تعالى: ﴿واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا﴾ الكهف (٥٦).
(جـ) قوله تعالى: ﴿ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا﴾ لقمان(٦).
(د) قوله تعالى: ﴿وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا﴾ وقوله: ﴿ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا﴾ الجاثية (٩)،(٣٥).
ودلائل هذا المعنى في كتاب الله أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر ولا ريب عند أهل العلم في كفر من استهزاء بآيات الله أو شيء منها وذلك لظهور دليله في كتاب الله عز وجل ومما يدل له قوله تعالى: ﴿ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم﴾ التوبة(٦٥) وما بعدها والاستهزاء بآيات الله أو شيء منها استهزاء بالله ورسوله.
(٢) يدل لهذا المعنى قوله تعالى: ﴿واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به، واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم﴾ البقرة (٢٣١).
(٣) سقط من الأصل.
(٤) في الأصل: أحمد بإسقاط الهاء.