99

Bahr Mutawassit

البحر المتوسط: مصاير بحر

Nau'ikan

ومع ذلك لم يدهش الناس شيء كعدم وجود صورة ليهوه العجيب، وكيف يمكن الإغريقي الذي هو شخص بصري شهواني أن يتمثل آلهة يحرم عرضها بصورة فضلا عن عدها غير منظورة؟ وما قالت به أساطير المصريين واليونان من أصنام للآلهة والعفاريت في أمكنة معينة جعل موجودا في كل مكان لما كان من نشره في جميع المحال، وعكس ذلك أمر بعض القبائل البدوية التي كانت تكتفي برمز لعدم استطاعتها أن تأخذ معها تماثيل في مهاجراتها، ويصبح العبريون حضريين، ولا يغدون قوما من المتفننين، ويريد سليمان أن يقيم هيكله فيطلب من ملك أجنبي أن يرسل إليه ما يحتاج إليه من خشب ونجارين وبنائين، ويقدم سليمان برا وزيتا بدلا من ذلك.

ويمضي زمن فيجد كهنة اليهود مصدر زهو في عرض الآلهة الأجنبية بصور، ويصير التجريد فضيلة وعادة ومبدأ، ويسهل عدم الأصنام مبدأ الإله الواحد ويعمق سره لدى شعب إسرائيل نفسه مع إثارة حيرة الأجانب، ويا للشعب الذي لا يمنح أدبه المجرد امرأة لإلهه الوحيد! ...

ومع ذلك لم يكن العبريون عاطلين من الخيال، وإذا عدوت الكالفنية

1

وجدت الخدم الدينية في دين العبريين، كما في جميع الأديان الأخرى، ضربا من التمثيل الروائي، والفارق هو أنك ترى هذا التمثيل يهدف لدى اليهود إلى تجريد، وتميز وحدة الرب الذكر هذه دين اليهود من جميع الأديان السابقة وأكثر الأديان اللاحقة. وكانت روح الأغارقة التي تنبجس رطيبة كينبوع قد اخترعت عالما مهتزا اهتزازا خياليا فوق الأرض وتحتها وعلى سطحها، ووضعت مصير الإنسانية بين الآلهة والعفاريت. وكان ابتداع الآلهة في هذا المضمار من عمل الروح بحكم الطبيعة، وإن شئت فقل لهوا نفسيا، وما مبدأ حبل العذراء بلا دنس الذي يرد إلى مختلف الحضارات إلا من الشواذ الغريبة في بلاد اليونان، وهو لا ينطوي على طهر خاص، ومن العفاريت كانت تطرح عصارة إله على الأرض وتولد إلهة من رأس أبيها.

ومع ذلك كان الحب مجرى أوليا يصدر عنه الأصل في أساطير المصريين والأمم الآسيوية والأغارقة، وكان الحب يجلب الأغارقة إلى الشانزليزه، مع أن الحب في التوراة هو الذي أدى إلى طرد الإنسان من الجنة، وما كان أشيل وأوليس وآثار أوميرس إلا من المستحيل لولا قصص غرام الآلهة التي كانت تجلس على العروش في السحب والتي كانت تنفع نماذج للعاشقين من الناس.

وكان يهوه أول إله يقضي حياة زهد، ومع ذلك لم يكن يهوه ملكا سماويا أو طيفا أو كوكبا، وإنما كان إلها رعادا مقاتلا يمكننا أن نتمثله، كما صنع ميكل أنجلو، ذا مظهر مذكر أكثر من يسوع وبدهة

2

اللذين كانا محاطين بالنساء، ويكون هذا الإله بلا امرأة أدعى إلى الدهش لدى اليهود من الحياة التي يؤكدها ومن الخصب الذي يرفعه إلى فضيلة، وماذا يستتر وراء هذا التناقض؟

ذلك مطلب لاهوتي. وكان يهوه لا يمتدح الزهد، وكان يهوه يدعو رجال الدين والدنيا إلى التكاثر، وما كان يمكنه أن يفرض قوانينه الأدبية على المؤمنين به، مولى وقاضيا، إلا إذا رغب عن العلاقة الجنسية، وهنا ترى إلها يطالب المؤمنين بأقل مما يطلب من نفسه مع أن الآلهة الألنبية كانوا على النقيض.

Shafi da ba'a sani ba