============================================================
بهجمة الطائفة الجائع لا ملال له من الطعام وهو جائع، والعطشان لا ملال له من الماء وهو عطشان. كذلك القلب لا ملال له من الذكر ما دام هو للذكر طالب، وعلى الذكر عاشق. مثاله السمكة في وسط الماء ولا أحوج منهة ا إلى 3 الماء، إذ بسببه حياتها(1) وبعدمه موتها.
وقد قال النبي: "اسيروا. سبق المفردون"(2)، قيل : ومن هم يا رسول الله؟ قال: "المستهترون" . وقيل: "المهترون بذكر الله"، وضع الذكر6 عنهم أوزارهم، فوردوا القيامة خفافا.
فالاستهتار بالذكر صفة القلب لا صفة اللسان، كما أن الاستهتار بالطعام صفة الجسد لا صفة القلب. لأن حقيقة الذكر تجلت(3) للقلب، 9 فصار القلب مستهترا به، عاشقا عليه، مستغرقا فيه. وقد كان هذا من عادة رسول الله،، في بدء تخليه وتعيده: أكثر من الذكر لحد حتى قالوا العرب(4): إن محمدا عشق ربه، لما كان يظهر منه، عليه السلام، من دوام 12 الذكر.
ف حين اتصف القلب به، فلا صبر له عنه(5)، إذ ذلك غذاؤه وحياته. فصار القلب بدوام الذكر بصفة الملائكة . الا ترى أن الملائكة لما 15 لم يكونوا (215) من أجناس الادميين يل روحانيين، لم يقطعهم عن الذكر لا طعام ولا شراب ولا نوم ولا غير ذلك، ذكرهم الله عز وجل بدوام الذكر، فقال: يسبحون اللئل والنهار لا يفترون} (القرآن الكريم 20/21)، 18 (1) حياتها، في الأصل: حيوتها.
(2) المفردون: قارن يغولدتسيهر، المجموعة الكاملة : 412، وقارن أيضا بالعجم المفهرس 117، تحت: هتر.
(3) تجلت، في الأصل: تجلى.
4) لحدحتى قالوا العرب، كذا، ولعل الأصح: إلى حد أن قالت العرب.
5) قارن بماير، فوائح، المقدمة الألمانية 284.
Shafi 39