في السحر، للسرى والسفر، وقد شهروا سلاحهم، وأظهروا عددهم لقربهم من العدو، فظهر من عبد الجليل الجزع، والارتياع والهلع، مما ألجأني إلى تسكينه بإنشاد عجائب الأشعار، وإيراد غرائب الأخبار، وهو لا يفهم ما أورده، ولا يعقل معاني ما أسرده، فمررنا في الطريق بمشهدين متقابلين، وعليهما رأسان منصوبان فقلت:
ألا رب رأسٍ لا تزاور بينه ... وبين أخيه والمزار قريب
أناف به صلد الصفا فهو منبر ... وقام أعلاه فهو خطيب
ثم استجزته باستطالةٍ فقال:
يقول حذار الإغترار فطالما ... أناخ قتيل بي وفر سليب
وينشدنا إنا غريبان ها هنا ... وكل غريب للغريب نسيب
فإن لم يزره صاحب أو خليله ... فقد زاره نسر هناك وذيب
وها هو أما منظرًا فهو ضاحك ... إليك وأما نصبه فكئيب
قال أبو إسحاق: فما أتم إنشاده حتى طلعت سرية العدو فأوقعت بالركب، فأناخ قتيلًا، وبحوت مسلوبًا، فعجبت من هذا الاتفاق.
قال وصنع يومًا الأعز أبو الحسن بن المؤيد رحمه الله تعالى بديهًا في مغنٍ
مغن صوته يحكيه في حسن وفي لين
يغنيني فيغنيني ... ويحيا إذ يحييني
واستجاز شهاب الدين يعقوب ابن أخت الوزير نجم الدين بن المجاور فقال:
ويسقيني سلاف الرا ... ح من فيه فيشفيني
تعجلت به أجري ... ولم أعطف على ديني
ومنه إجازة أبيات ببيت
كما أنبأني الشيخان تاج الدين أبو اليمن زيد بن حسن الكندي وجمال الدين الحرستاني إجازة عن الإمام الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر، قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد، أخبرنا أبو الفرج سهل بن بشر، أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الله الهمداني إجازة، أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن خيران، أخبرنا ابن الأنباري، قال: دخل الزبير بن بكار على أمير المؤمنين المعتز بالله وهو محموم، فقال له: يا أبا عبد الله إني قد قلت في ليلتي هذه أبياتًا، وقد أعيا على إجازة بعضها، وأنشدني:
1 / 70