فلما قرأها المعتمد استحضره وقال له: أحسنت، أو كنت معنا؟ فأجابه النحلي بكلام معناه: ياقاتل المحل، أو ماتلوت: " وأوحى ربك إلى النحل "!
ومن ذلك، بالإسناد المتقدم أيضًا لكتاب الذخيرة ما رورى ابن بسام
أن المعتمد أيضًا أمر بصنع غزال وهلال من ذهب، فصيغا، فجاء وزنهما سبعمائة مثقال، فأهدى الغزال للسيدة ابنة مجاهد، والهلال لابنه الرشيد، فوقع له أن قال:
بعثنا بالغزال إلى الغزال ... وللشمس المنيرة بالهلال
واصطبح، وحضر الرشيد فدخل عليه، وجاء الندمان والجلساء، وفيهم أبو القاسم بن مرزقان، فحكى لهم المعتمد البيت، وأمر بإجازته، فبدر ابن مرزقان فقال:
فذا سكني أسكنه فؤادي ... وذا نحلي أقلده المعالي
شغلت بذا وذا خلدي ونفسي ... ولكني بذاك رخى بال
زففت إلى يديه زمام ملكي محلى بالصوارم والعوالي
فقام يقر عيني في مضاءٍ ... ويسلك مسلكي في كل حال
فدمنا للعلاء ودام فينا ... فإنا للسماح وللنزال
وذكر أبو الفتح بن خاقان في كتاب القلائد
قال: خرجت من إشبيلية لوداع كبير من المرابطين، فوجدت معه الوزير أبا محمد ابن مالك، فلما انصرفنا عدنا متسايرين، فمررنا بمرجٍ حسن النبات، بديع النوار، فبادر مملوك من مماليكه وضيء الوجه إلى زهرةٍ بديعة، فقطفها، وأتاه بها لتعجبه من حسنها، فاقترح على أن أصفه: فقلت:
وبدرٍ بدا والطرف مطلع حسنه ... وفي كفه من رائق النور كوكب
فقال مجيزًا له:
يروح لتعذيب النفوس ويغتدي ... ويطلع في أفق الجمال ويغرب
ويحسد منه الغصن أي مهفهفٍ ... يحئ على مثل الكثيب ويذهب
قال علي بن ظافر
ومن هذا القسم ما تكون الإجازة لبيت بأبيات تجعل قبله أو بعده وقبله كما أنبأني العماد أبو حامد قال: قال عمارة اليمني الشاعر في كتابه في شعراء اليمن: إن الفقيه أبا العباس أحمد بن محمد الآبي حدثه، قال: أذكر ليلة وأنا أمشي مع الأديب أبي بكر العدني على ساحل عدن، وقد تشاغلت عن الحديث معه، فقال لي: في أي شيء أنت تفكر؟ فقلت: في بيت عملته، وهو:
وأنظر البدر مرتاحًا لرؤيته ... لعل طرف الذي أهواه ينظره
1 / 62