علي بن ظافر: وكان قاضيًا ببعض بلاد الأندلس، ومات بها في أيام الناصر عبد الرحمن، سنة ثمان وعشرين وثلثمائة - كان نقش خاتمه:
يا عليمًا كل غيب ... كن رؤفًا بصهيب
وأنه كان يشرب النبيذ - لعله كان يذهب مذهب أهل العراق - فشرب مرة عند الحاجب موسى بن حدير - وكان من عظماء الدولة الأموية - فسكر ونام، فأمر موسى باختلاس خاتمه، وأحضر نقاشًا، فنقش تحت البيت المذكور:
واستر العيب عليه ... إن فيه كل عيب
ورد الخاتم عليه، وختم به زمانًا حتى فطن له.
وأنبأني الشيخان
الأجل العلامة تاج الدين أبو اليمن الكندي، والفقيه جمال الدين بن الحرستاني عن الشيخ الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر سماعًا، أخبرنا أبو النجم بدر الدين عبد الله السنجي، أخبرنا أبو البكر الخبيب، أنبأنا علي بن أبي علي المعدل، حدثني أبي حدثني عبد العزيز بن أبي بكر المحرف العلاف الشاعر - وكان أحد ندماء المعتضد - قال: كنت ليلة في دار المعتضد، وقد أطلنا الجلوس بحضرته، ثم نهضنا إلى مجلسنا في حجرةٍ كانت مرسومة بالندماء. فلما أخذنا مضاجعنا، وهدأت العيون، أحسسنا بفتح الأبواب وتفتيح الأقفال بسرعة، فارتاعت الجماعة لذلك، وجلسنا في فرشنا، فدخل إلينا خادم من خدم المعتضد، فقال لنا: إن أمير المؤمنين يقول لكم: أرقت الليلة بعد انصرافكم، فعلمت هذا البيت:
ولما انتبهنا للخيال الذي سرى ... إذ الدار قفر والمزار بعيد
وقد أرتج علي إتمامه فأجيزوه، ومن أجازه بما يوافق غرضي أجزلت عطيته - وفي الجماعة كل شاعر مجيد مذكور، وأديب فاضل مشهور - فأفحمت الجماعة، أطالوا التفكير، فقلت مبتدرًا:
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي ... لعل خيالًا طارقًا سيعود
فرجع الخادم إليه بهذا الجواب، ثم عاد، فقال: أمير المؤمنين يقول لك: أحسنت وما قصرت، وقد وقع بيتك الموقع الذي أريده، وقد أمرت لك بجائزة وها هي، فأخذتها، فازداد غيظ الجماعة مني.
وقال يزيد بن أبي اليسر الرياضي في كتابه الأمثال
دخل رحمون الفارسي على أبي وهو مريض، فقال له: كيف أصبحت؟ فقال:
يكاد جسمي من نحول الضنى ... تحمله أنفاس عوادي
فقال رحمون: هل ترى أن أزيد عليه يا أبا اليسر؟ فقال: نعم، فقال: رحمون:
1 / 52