وكان السلطان المرحوم أبو عنان فارس، أبن سلطان أبي الحسن المريني يجل هذا الشريف، ويعترف له بالفضل، ويعطيه العطاء الجزل، وكان يستدعيه كل سنة إلى حضرته فاس، لحضور المولد السعيد، الذي سنه ببلاد المغرب الشيخ أبو العباس العزفي، وتلك السنة إلى الآن بحسن نيته، واعتنائه بالجانب العلى، نفعه الله بذلك، ويخلع عليه الخلع الملوكية، ويعد له دينارًا مسكوكا يصنع بمدينة مراكش، زنته مائة دينار ذهبًا، يدفع له ذلك مع جائزته، إلى غير ذلك مما كان يتحفه به، ﵀، ويصحبه في وجهته تلك من الضعفاء والتجار ما لا يحصى كثرة، ويتولى هو الإنفاق على الجميع من ماله، ويرفع عنهم اللوازم المخزنية، فكان التجار لأجل ذلك يرصدون وقت سفره وقفولته. وقدمه السلطان أبو عنان لمذكور ناظرا إلى بلده سبتة، وأمر صاحب قصبتها ألا يقطع أمرًا إلاّ بمشورته، فكان العمال يخافونه ويشاورونه، فإذا رأى من أحدهم خروجا عن العادة، أو حيفا على الرعية، كتب إلى السلطان في شأنه، فيزله من فوره، ويعوضه بغيره. وكان يقول للسلطان: لعلك تحسبني خديما، لست كذلك، وإنّما نحن معشر أهل البيت شفعاء في الدنيا، وشفعاء في الآخرة. فكان أهل سبته في أيامه في عيش هني، ونعمة شاملة، بقي على هذه الحالة المرضية مدة عشرين سنة. وله بسبتة آثار تحكى الآثار العزفية، كالرياض
1 / 39