من أهل الإسلام الرواح إليها والغدو، وفي أهل بقية لسان ويراعة، وتصرف في فنون الإجادة وبراعة، وقد قصصنا عليك آنفًا الرسالة التي كتبها الملك المخلوع لصاحب المغرب فيما سردناه، واطلعت منها على ما يؤيد ما قلناه من الغرض الذي انتحيناه وأردناه: وقد كان ذلك الكتاب وطبقته تلقفوا كرة البلاغة من يد طبقة أخرى حازت معلى القداح، ويبرجت لها من الفصاحة كل خود رداح، كالفقيه الكاتب أبي عبد الله الشران، المبرز في أدواته على الأنداد والأقران، وكالأديب الشهير الفقيه عمر، الذي لم تزل أخباره إلى الآن سمر، وكفارس تلك الحلبة، الكاتب القاضي الرئيس، الوزير الفقيه، أبي يحيى بن عاصم، الذي حليت بعلومه اللبات والمعاصم، وغيرهم من الجهابذة النقاد، والأعلام الذين تخضع لهم المحاسن وتنقاد، إن جدوا وصلوا مقطوع الأسباب، وإن هزلوا، على عادة الأفاضل من مثل هذا الباب، ملكوا النفوس وسحروا الألباب؛ وقد سبق من كلام أبن عاصم ما يصحح ما ادعيناه ولنورد زيادة إذا أبصرنا المنصف المستفيد تقر عيناه، فنقول: أما الفقيه عمر فهو أشهر من نار على علم، وأزجاله ومنظوماته ومقاماته عند العامة محفوظة، وعند الخاصة مرفوضة، إلاّ القليل الذي يسمح في مثله لصاحب القلم، كمقامته التي سماها بتسريح المصال، إلى مقاتل الفصال، ونصها: