Takarduna … Rayuwata
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Nau'ikan
أصبح رجاء صديقي الوحيد بين الرجال، كان لي أصدقاء كثيرون، أطباء وفنانون وأدباء، لم يكن فيهم من يتحدث معي مثل رجاء، كلهم ذكور يتطلعون إلى الجالس في مقعد الحكم، يتطلعون إلى الطبقة العليا وإن تكلموا على الاشتراكية والعمال والفلاحين. يقسمون النساء إلى فئتين اثنتين: (1) عشيقات ملتهبات بالشهوة والعار. (2) زوجات باردات بالاحترام والأمومة.
كنت في الثلاثين من عمري في أوج الشباب، طبيبة وأديبة معروفة، ممشوقة الجسم فارعة القامة، الرجال من حولي كثيرون كالذباب، ينجذبون إلى المرأة الحرة بلا رجل، خيالهم عاجز عن رؤية المرأة، هي في نظرهم واحدة من اثنتين: (1) زوجة مملوكة لرجل واحد. (2) امرأة حرة مملوكة لجميع الرجال.
الخيال العاجز منذ التحول في التاريخ، يتنافسون من حولي على نحو عجيب، يفكرون في أسرع الطرق للوصول إلى غرفة النوم.
كان عقلي أمامهم كالباب الموصد، يسد عليهم الطريق، يحول بينهم وبين جسدي، كلمة عشيقة ترن في أذني مهينة، كلمة زوجة لا تقل مهانة، لم يكن لرجل أن يتملكني وإن كان رئيس الدولة، لا أمسح اسمي لأحمل اسمه وإن كان هو الإله المعبود.
الفصل الثامن
موت أبي
بعد موت حنا لم أعد أؤمن بالعلاج الباطني، انتقلت إلى قسم الجراحة بمستشفى الأمراض الصدرية بالجيزة، تدربت على العمليات الصعبة، أصابعي الطويلة رفيعة عظامها قوية، هي الأصابع المطلوبة للإمساك بالمشرط، أساتذة الجراحة يتساءلون: كيف تكون المرأة جراحة؟ هذا المجال للرجال الذكور مثل الجزارة، لم أفهم ما الفرق بيني وبين زميلي الطبيب، أصابعه ترتعش حول المشرط وأصابعي ثابتة، أفتح الضلوع دون أن يطرف لي جفن، أستأصل فص الرئة المصاب بالدرن أو الرئة كلها إن كانت مصابة، يعيش الإنسان برئة واحدة حياة طبيعية، الجسد له قدرة خارقة للتعويض عما يفقده.
عامان قضيتهما داخل غرفة العمليات، في بحور من الدم، لا تفارقني الرائحة حتى في النوم، رائحة الإثير واليود وأنفس المرضى، أقف في اليوم الواحد سبع ساعات، أقطع في لحم الناس، تورمت قدماي من طول الوقوف، أصابتني الآلام في العمود الفقري، عاد إلي الشحوب والهزال، يؤرقني الألم، أسعل طول الليل، يأتيني صوت أبي الميت من بطن الأرض «اشربي الدوا يا نوال.» تفتح أم إبراهيم عينيها من عز النوم، أكانت تسمعه هي الأخرى؟ تسقيني اللبان الدكر المغلي، تضع قدمي في الماء الساخن والملح، تدلكهما بين يديها الكبيرتين: «حرام عليكي نفسك يا ضكطورة ريحي جسمك شوية.» - «يا ريت يا أم إبراهيم آخذ إجازة لنهاية العمر، مش عاوزة أشوف عيانين، مش عاوزة أشوف دم، مش عاوزة أروح المستشفى، مش عاوزة أروح العيادة، عاوزة أكتب أكتب أكتب وبس!»
أجهشت بالبكاء وأنا أصرخ: «عاوزة أكتب أكتب أكتب وبس! كان غلط إني أدخل الطب يا أم إبراهيم! خلاص مش عاوزة أروح المستشفى!»
هل كنت أمزق شعري وأنا أصرخ، حاطتني أم إبراهيم بذراعيها كالأم تحتضن طفلتها، صوتها القوي يرن في رأسي: «بلاش تروحيها يا ضكطورة، تروح المستشفى في ستين داهية!»
Shafi da ba'a sani ba