وتوسل أدهم قائلا: أخي أفق، حاسب نفسك على كل كلمة توجب اللوم، ليس الطريق مسدودا في وجهك إلا أن تسده بيديك، وإني أعدك بأن يعود كل شيء طيب إلى أصله.
فخطا إدريس نحوه خطوة بصعوبة كأن ريحا ترجعه وقال: بأي قوة تعدني يا ابن الجارية؟
فقال وهو يرمقه بحذر: بقوة الأخوة. - الأخوة؟! قذفت بها في أول مرحاض صادفني ...
فقال أدهم متألما: ما سمعت منك من قبل إلا الجميل ... - طغيان أبيك أنطقني بالحق! - لا أحب أن يراك الناس على هذه الحال.
فأرسل إدريس ضحكة معربدة وصاح: وسيرونني على أسوأ منها كل يوم، العار والفضيحة والجريمة ستحل بكم على يدي، طردني أبوك دون حياء فليتحمل العواقب!
ورمى بنفسه نحو أدهم فتنحى هذا عن موقفه دون تردد، فكاد إدريس يهوي على الأرض لولا أن استند إلى الجدار، ولبث يلهث حانقا، وينظر في الأرض مفتشا عن حجر، فتراجع أدهم بخفة إلى الباب ودخل، واغرورقت عيناه من الحزن. وكان صياح إدريس ما زال صاخبا. وحانت منه التفاتة نحو السلاملك فلمح أباه خلال الباب وهو يعبر البهو، فمضى نحوه وهو لا يدري، متغلبا على خوفه بحزنه. ونظر إليه الجبلاوي بعينين لا تفصحان عن شيء، وكان يقف بقامته المديدة ومنكبيه العريضين أمام صورة محراب نقشت على جدار البهو خلفه. وأحنى أدهم رأسه قائلا: السلام عليكم.
فتفحصه الجبلاوي بنظرة عميقة، ثم قال بصوت نفذ إلى أعماق قلبه: صرح بما جئت من أجله ...
فقال أدهم بصوت مهموس: أبي، إن أخي إدريس ...
فقاطعه الأب بصوت كضربة الفأس في الحجر: لا تذكر اسمه أمامي ...
ثم وهو يمضي إلى الداخل: اذهب إلى عملك!
Shafi da ba'a sani ba